123
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.وقد يسّر اللّه ـ وله الحمد ـ تأليفَ ما سألتَ ، وأرجو أن يكونَ بحيث تَوَخّيتَ ، فمهما كان فيه من تقصير فلم تُقَصِّرْ نيّتنا في إهداء النصيحة ؛ إذ كانت واجبةً لإخواننا وأهلِ ملّتنا ، مع ما رجونا أن نكونَ مشاركين لكلّ من اقتبس منه ، وعَمِلَ بما فيه في دهرنا هذا ، وفي غابره إلى انقضاء الدنيا ؛ إذ الربّ ـ جلّ وعزّ ـ واحدٌ ، والرسولُ محمّد خاتم النبيّين ـ صلوات اللّه وسلامه عليه وآله ـ واحدٌ ، والشريعةُ واحدةٌ ، وحلالُ محمّدٍ حلالٌ وحرامُه حرامٌ إلى يوم القيامة ، ووَسَّعْنا قليلاً كتاب الحجّة وإن لم نكمِّلْه على استحقاقه ؛

قوله : (إذ الربُّ ـ جَلَّ وعَزَّ ـ واحِدٌ ، والرسولُ محمّدٌ صلى الله عليه و آله۱واحِدٌ ...) . هذا تعليل للعمل بما فيه في الدهر وفي غابره إلى انقضاء الدنيا ، فإنّ مجرّد تطاول الزمان لا يقتضي تغيّر الشريعة الواحدة ؛ لأنّ نبيّنا صلى الله عليه و آله خاتم الأنبياء ، وشريعته خاتمة الشرائع ، فأحكامه ۲ وحلاله وحرامه باقية إلى انقضاء الدنيا ، وما في هذا الكتاب من جملة ذلك .

1.في الكافي المطبوع وكثير من نسخة : «محمّد خاتم النبيّين صلوات اللّه و سلامه عليه و آله» .

2.في «ج» : «وأحكامه» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
122

۰.ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلاّ أقلَّهُ ولا نجدُ شيئا أحوَطَ ولا أوسَعَ من رَدِّ علم ذلك كلِّه إلى العالم عليه السلام وقبولِ ما وَسَّعَ من الأمر فيه بقوله عليه السلام : «بأيّما أخذتم من باب التسليم وَسِعَكم» .

قوله : (ونَحْنُ لا نَعْرِفُ من جَميعِ ذلك إلاّ أقَلَّهُ) ، أي لا نعرف من كتاب اللّه ، وما وافَقَ العامّة وخالفهم ، وما أجمع عليه إلاّ أقلّه .
أمّا الكتاب ، فجميعه لا يعرفه إلاّ أهل العصمة عليهم السلام ، وما دون ذلك قد يتوقّف على معرفة الناسخ والمنسوخ ، والخاصّ منه والعامّ ونحو ذلك . أو يكون المراد بالأقلّ النصّ والمحكم ، أو ما يشمل ۱ الظاهر ، أو ما علم منهم عليهم السلام على احتمال .
ومذاهب العامّة كثيرة منتشرة تحتاج إلى إحاطة زائدة واطّلاع تامّ ، وكذلك معرفة ما اُجمع عليه ، فالأخذ من باب التسليم أسهل من ذلك ، وأبعد عن الوقوع في الخطأ .
قوله : (ولا نَجِدُ شيئاً أحوَطَ ولا أوسَعَ مِنْ رَدِّ عِلْمِ ذلك كُلِّهِ إلى العالِم عليه السلام ) . كأنّه يريد رحمه الله أنّ الاُمور المذكورة ـ من العرض على كتاب اللّه ومعرفة موافق القوم ومخالفهم والمجمع عليه وغيره ـ لا يخلو العمل بها من وقوع في الخطأ ؛ لعدم الوثوق بمعرفة ما به يسلم منه ؛ فكان الاحتياط في أن يقال : إنّ العالم عليه السلام يعلم جميع ذلك بحيث لا يجوز عليه الخطأ فيه ، وقد اُمروا عليهم السلام بردّ ما لا يعلم إليهم ، بمعنى أن يقال : هم أعلم به ، أو بمعنى سؤالهم عنه ليعلم منهم .
والأوّل أنسب بهذا المقام ، ولكلٍّ شاهدٌ من كلامهم عليهم السلام مثل : «أرْجِهْ حتّى تَلْقى إمامَك» ۲ وغيره .
وذلك بخلاف الأخذ من باب التسليم ، فإنّه مع تجويزهم ذلك والرخصة فيه ، يجوز الأخذ والعمل به ، ولا يرد فيه ما يرد في غيره .
نعم قد يقال : بأنّ أمرهم عليهم السلام بما ذكر من الردّ إلى الكتاب والأخذ بالمجمع عليه وخلاف ما وافق القوم ، قد يكون في تركه ترك للاحتياط ، بل للوجوب ، فإنّه مع تيقّن خلاف الإجماع وعلم المخالفة للكتاب والاطّلاع على قول القوم قد ينافيه الأخذ بالتسليم في كلّ موضع ، ويمكن أن تكون الإشارة بذلك كلّه إلى ما لا يعلم ، وهو غير الأقلّ .

1.في «د» : «يشتمل» .

2.قطعة من رواية عمر بن حنظلة الواردة في الكافي ، ج ۱ ، ص ۶۷ ، باب اختلاف الحديث ، ج ۱۰ ؛ والفقيه ، ج۳ ، ص ۸ ، ح ۳۲۳۶ ؛ وتهذيب الأحكام ، ج ۶ ، ص ۳۰۱ ، ح ۸۴۵ ؛ والاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۳۵۵ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 107850
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي