215
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.وبحُسْن السياسةِ يكون الأدبُ الصالح» . قال : «وكان يقول : التفكّرُ حَياةُ قلب البصير ، كما يَمشي الماشي في الظلمات بالنور بحُسن التخلّصِ وقلّة التربّصِ» .

قوله عليه السلام فيه : (وبحُسْنِ السياسةِ يَكونُ الأدبُ الصالحُ) .
وجهه ظاهر ، فإنّ الأدب الصالح إنّما يكون بالسياسة الحسنة التي تقتضيه ، وهو وضع كلّ شيء موضعه ، فلا توضع العصا موضع ۱ السيف ولا العكس ، ولا الكلام الليّن موضع الخشن ولا العكس ونحو ذلك ، ومتى خرج عن ذلك خرج عن الصلاح إلى الفساد .
قوله عليه السلام فيه : (وكان يقولُ ـ يعني أميرالمؤمنين عليه السلام ـ التفكّرُ حياةُ قلبِ البصيرِ ، كما يَمشي الماشي في الظلماتِ بالنور بحُسْنِ التَّخَلُّصِ وقلّةِ التربُّصِ) .
شبّه عليه الصلاة والسلام صاحب البصيرة في أنّ التفكّر حياة لقلبه بصاحب البصر الذي يمشي في الظلمات ومعه نور من سراج ونحوه يحسن التخلّص بذلك النور من مهالك الأرض وحزنها وصعبها ، ولا يتربّص زيادة عن مقدار ما لابدّ منه من قطع المسافة ، فكما أنّ الماشي في الظلمات من غير نور فإنّه متوقّع هلاكه وضلاله فهو ميّت الجسد ، فكذا صاحب البصر القلبي إذا لم يصدر منه ما يصدر عن فكر وتأمّل ، يقع في مهاوي الضلال والعمى ، ويتربّص ويلبث فيها ولا يحسن التخلّص منها ، ومَن هذا شأنه فهو ميّت القلب .
أو شبّه عليه السلام التفكّر في كونه حياة قلب البصير بمشي الماشي في الظلمات إلخ .
أو شبّه التفكّر بالنور الذي به يحسن الماشي التخلّص وقلّة التربّص . والمآل واحدٌ أو متقارب ، والأوسط أقرب إلى مدلول اللفظ ، وهذا من تشبيه المعقول

1.في «ج» : «بموضع» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
214

۳۴.عدّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عُبيد اللّه الدهقان ، عن أحمدَ بن عمر الحلبيّ ، عن يحيى بن عمران ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :«كانَ أميرُ المؤمنين عليه السلام يقول : بالعقل استُخْرِجَ غورُ الحكمة ، وبالحكمة استُخْرِجَ غورُ العقل ،

قوله عليه السلام في حديث يحيى بن عمران : (بالعقلِ استُخْرِجَ غورُ الحكمةِ ، وبالحكمة استُخرج غور العقلِ) .
أي باستعمال العقل استعمالاً تامّا استخرج الخفيّ من الحكمة ، فالظاهر بطريق أولى وباستعمال الحكمة وتتبّعها استخرج الخفيّ من العقل ؛ فكلّ واحد منهما ممدّ للآخر فيما يستخرج ، ومنبّه لصاحبه على الخفيّ من الآخر ، ومظهر لما كان كامناً منه . ولا يتوهّم فيه الدور حتّى لو اُريد استخراج خفيّ كلّ منهما بالآخر لم يلزم ؛ فتأمّل .
والتعبير ب «استخرج» دون «يستخرج» لأنّه يدلّ على أنّ من كانوا بهذه الحالة هكذا ، كان فعلهم الذي وصلوا به إلى هذه المرتبة ، وهذا ليس في التعبير بغير الماضي .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 90623
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي