۰.عَمِلَ به». قلت : فإنْ علَّمَه غيرَه يَجري ذلك له؟ قال : «إن علّمه النّاسَ كلّهم جَرى له» . قلت : فإن مات؟ قال : «وإن مات» .
فإن عَلَّمَه غيرَه يَجري ذلك له؟ قال : إنْ عَلَّمَهُ الناسَ كُلَّهم جرى له . قلت : فإن ماتَ؟ قال : وإنْ ماتَ) .
«الخير» يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يراد به العلم الذي فيه الخير ، فيكون احترازاً عن تعليم ما لا خير فيه ممّا يسمّيه الناس علماً إمّا مع كونه خالياً من الشرّ أيضاً ، وهو العلم الذي لا ينفع من عَلِمَه ولا يضرّ من جَهِلَه ، وإمّا مع كونه شرّاً كالعلوم التي تنتهي بصاحبها إلى الخروج عن سبيل العلوم الحقّة ، وتنفّر الخاطر منها ، وقد تنتهي به إلى زيغ العقيدة ؛ نسأل اللّه العفو والعافية .
وفي قوله عليه السلام «فله مثل أجر من عمل به» تنبيهٌ على أنّ العالم بغير عمل لا أجر له ، بل عليه الوزر ، كما يدلّ عليه أحاديث متكثّرة .
الثاني : أن يكون المراد به شيئاً من أعمال الخير أو ما يشمله .
وقوله عليه السلام : «فإن علّمه غيره» يحتمل وجهين :
أحدهما : أنّ ضمير «علّمه» المنصوبَ يرجع إلى الخير ، وكذا ضمير «علّمه» الثاني ، و«غيره» فاعل «علّمه» وضمير «غيره» يرجع إلى المعلِّم بالبناء للفاعل ، و«الناس» فاعل «علّمه» الثانى ، والمعنى : قلت : فإن علّم ذلك الخير أحد غير المعلِّم ـ بالبناء للفاعل ـ بأن كان التعليم من المعلَّم ـ مبنيّاً للمفعول ـ بلا واسطة أو بواسطة ، يجري ذلك الثواب للمعلّم الأوّل؟ قال : إن علّم ذلك الخير الذي أصله ۱ من تعليمه الناس كلّهم يجري له مثل أجرهم . ووجه السؤال حينئذٍ أنّه تبادر إلى فهم السائل من قوله عليه السلام : «من علّم خيراً فله مثل أجر من عمل به» التعليم بغير واسطة ، مع أنّ الواسطة هو المعلّم ، فسأل عن ذلك الخير الذي علّمه ، أنّه لو علّمه المتعلّم هل يجري للمعلّم أم لا؟
الثاني : أن يكون «غيره» مفعولاً ثانياً لعلّمه ، وضميره للمتعلّم العامل ، والمنصوب في «علّمه» الراجع إلى الخير مفعوله الأوّل ، ومفعول «علّمه» الثاني الأوّلُ ضميره المنصوب ومفعوله الثاني «الناس» والمعنى : قلت : فإن علّم المتعلّم ذلك الخير أحداً غيره يجري ذلك له؟ قال : إن علّمه الناس كلّهم إلخ .
وهذا على سبيل الفرض والتقدير بمعنى أنّه لو فرض تعليم ذلك المتعلّم جميع الناس ، جرى ذلك للمعلّم الأوّل . وإفراد الفرض في الوجه الأوّل من الناس أكثر ، فافهمه ؛ واللّه أعلم .