245
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۴.وبهذا الإسناد ، عن محمّد بن عبدالحميد ، عن العلاء بن رزين ، عن أبي عبيدةَ الحَذَّاء ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال :«من عَلَّمَ بَابَ هُدًى فله مثلُ أجرِ من عَمِلَ به ، ولا يُنقَصُ اُولئك من اُجورهم شيئا ، ومَن عَلَّمَ بابَ ضَلالٍ كانَ عليه مثلُ أوزارِ من عَمِلَ به ، ولا يُنقَصُ اُولئك من أوزارهم شيئا» .

قوله عليه السلام في حديث أبي عبيدة الحذّاء : (مَن عَلَّمَ بابَ هدىً فله مثلُ أجرِ مَن عَمِلَ به ، ولا يُنقَصُ أُولئك من اُجورِهم شيئاً ، ومَن عَلَّمَ بابَ ضَلالٍ كانَ عليه مثلُ أوزارِ مَن عَمِلَ به ، ولا يُنقَصُ أُولئك من أوزارِهم شيئا) .
«نقص» يستعمل لازماً ومتعدّياً إلى مفعول وإلى مفعولين ، وهو هنا من قبيل الثالث وهو مبنيّ للمفعول في الموضعين .
فإن قلت : ما الفائدة في قوله عليه السلام : «ولا ينقص» في الموضعين ، فإنّ ماقبله يغني عن ذكره؟ قلت : يمكن أن يكون ۱ فائدته من جهة أنّ باباً من الهدى أو باباً من الضلالة إذا كان للعامل به ثواب مقدّر أو عقاب كذلك كما لو قيل : فعلُ كذا أجره عشرة دراهم مثلاً ، ومن أعان فاعله كان له مثله ؛ فربما يوهم أنّ له مثله من ذلك المقدّر ، بمعنى أنّهما يشتركان فيه بالسويّة ، فربما توهّم هنا مثل ما توهّم في المثال ؛ فدفع عليه السلام ذلك الوهم بقوله : «ولا ينقص اُولئك من اُجورهم شيئاً» .
ومثله تعليم باب الضلالة ؛ واللّه أعلم .

1.في «ألف ، ب» : «تكون» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
244

۰.عَمِلَ به». قلت : فإنْ علَّمَه غيرَه يَجري ذلك له؟ قال : «إن علّمه النّاسَ كلّهم جَرى له» . قلت : فإن مات؟ قال : «وإن مات» .

فإن عَلَّمَه غيرَه يَجري ذلك له؟ قال : إنْ عَلَّمَهُ الناسَ كُلَّهم جرى له . قلت : فإن ماتَ؟ قال : وإنْ ماتَ) .

«الخير» يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يراد به العلم الذي فيه الخير ، فيكون احترازاً عن تعليم ما لا خير فيه ممّا يسمّيه الناس علماً إمّا مع كونه خالياً من الشرّ أيضاً ، وهو العلم الذي لا ينفع من عَلِمَه ولا يضرّ من جَهِلَه ، وإمّا مع كونه شرّاً كالعلوم التي تنتهي بصاحبها إلى الخروج عن سبيل العلوم الحقّة ، وتنفّر الخاطر منها ، وقد تنتهي به إلى زيغ العقيدة ؛ نسأل اللّه العفو والعافية .
وفي قوله عليه السلام «فله مثل أجر من عمل به» تنبيهٌ على أنّ العالم بغير عمل لا أجر له ، بل عليه الوزر ، كما يدلّ عليه أحاديث متكثّرة .
الثاني : أن يكون المراد به شيئاً من أعمال الخير أو ما يشمله .
وقوله عليه السلام : «فإن علّمه غيره» يحتمل وجهين :
أحدهما : أنّ ضمير «علّمه» المنصوبَ يرجع إلى الخير ، وكذا ضمير «علّمه» الثاني ، و«غيره» فاعل «علّمه» وضمير «غيره» يرجع إلى المعلِّم بالبناء للفاعل ، و«الناس» فاعل «علّمه» الثانى ، والمعنى : قلت : فإن علّم ذلك الخير أحد غير المعلِّم ـ بالبناء للفاعل ـ بأن كان التعليم من المعلَّم ـ مبنيّاً للمفعول ـ بلا واسطة أو بواسطة ، يجري ذلك الثواب للمعلّم الأوّل؟ قال : إن علّم ذلك الخير الذي أصله ۱ من تعليمه الناس كلّهم يجري له مثل أجرهم . ووجه السؤال حينئذٍ أنّه تبادر إلى فهم السائل من قوله عليه السلام : «من علّم خيراً فله مثل أجر من عمل به» التعليم بغير واسطة ، مع أنّ الواسطة هو المعلّم ، فسأل عن ذلك الخير الذي علّمه ، أنّه لو علّمه المتعلّم هل يجري للمعلّم أم لا؟
الثاني : أن يكون «غيره» مفعولاً ثانياً لعلّمه ، وضميره للمتعلّم العامل ، والمنصوب في «علّمه» الراجع إلى الخير مفعوله الأوّل ، ومفعول «علّمه» الثاني الأوّلُ ضميره المنصوب ومفعوله الثاني «الناس» والمعنى : قلت : فإن علّم المتعلّم ذلك الخير أحداً غيره يجري ذلك له؟ قال : إن علّمه الناس كلّهم إلخ .
وهذا على سبيل الفرض والتقدير بمعنى أنّه لو فرض تعليم ذلك المتعلّم جميع الناس ، جرى ذلك للمعلّم الأوّل . وإفراد الفرض في الوجه الأوّل من الناس أكثر ، فافهمه ؛ واللّه أعلم .

1.في «ب» : «يواصله» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 107857
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي