۰.وإنَّ أهلَ النار لَيَتَأذّونَ من ريح العالم التارك لعلمه ، وإنَّ أشدَّ أهلِ النار نَدامةً وحسرةً رجلٌ دعا عبدا إلى اللّه ، فاستجاب له وقَبِلَ منه ، فأطاع اللّه ، فأدخَلَه اللّه ُ الجنّةَ وأدخَلَ الدَّاعِيَ النارَ
قوله عليه السلام فيه : (وإنّ أهلَ النارِ لَيَتَأذّونَ من ريحِ العالمِ التاركِ لعِلْمِه) .
في هذا ما يقصم الظهور لمن اعتبر ، نسأل اللّه العفو والعافية والتوفيق لما يحبّه ويرضاه ، فإنّ في كون أهل النار ـ مع ما هم فيه من شدائد العذاب ـ يعذّبون بريح هذا العالم ويشعرون به مالو تأمّله ذو عقل لجَاهَدَ نفسه على الثبوت على العمل أو ترك تحصيل العلم ، لا أنّه ينبغي له تركه ، فإنّه هو سبب الفوز بالسعادة الأبديّة إذا عمل به ، بل لتركه أشدّ القبيحين ، وهو العلم إذا لم يوطّن نفسه على العمل به بالنسبة إلى الجهل .
وبالجملة ، فهو غير معذور في ترك العمل مع العلم ، وترك العلم والعمل بعد أن أعطاه اللّه سبحانه القدرة على ذلك ، ولطف به ، وجعل بيده الاختيار ؛ واللّه أعلم .
قوله عليه السلام فيه : (وإنّ أشَدَّ أهلِ النارِ نَدامةً وحَسرةً رجلٌ دَعا عبداً إلى اللّه ِ ، فاستجابَ له وقَبِلَ منه ، فأطاعَ اللّه َ ، فأدْخَلَه اللّه ُ الجنّةَ ، وأدخَلَ الداعِيَ النارَ بِتَرْكِهِ عِلْمَه ، واتّباعِهِ الهوى وطولِ الأمَلِ ، أمّا اتّباعُ الهوى فيَصُدُّ عن الحقّ ، وطولُ الأملِ يُنسي الآخرةَ) . وجه زيادة الندامة والحسرة أنّه قد أتى بما يوجب الندامة والحسرة ، وهو ترك العمل بالعلم واتّباع الهوى وطول الأمل ، ويرى مع ذلك من كان هو السبب في إدخاله الجنّة بتعليمه إيّاه وقبوله منه ودخوله الجنّة ، فتزيد ندامته وحسرته من حيث دخوله الجنّة بسبب ما اكتسبه منه ، ودخولُه النار مع كونه داعياً ومعلّماً بسبب تركه ما علّمه غيره واتّباعه هواه وطول أمله .