31
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

وفاته:

توفّي الشيخ عليّ الكبير قدس سره في أصفهان عام 1103 هجري أو 1104 هجري، بعد غربة قاتلة طويلة، وبعد فقده لثمرة فؤاده، وبعد طعنه في السنّ حتّى أنّه بلغ التسعين عاما.
وبعد وفاته نقل إلى خراسان ودفن في مدرسة الميرزا جعفر بالمشهد الرضوي في مقبرة الشيرواني والسبزواري، حيث دفن فيها من قبله ولده حسين المتقدّم الذكر. ۱

الفصل الثاني : الدرّ المنظوم (الكتاب الذي بين يديك)

1 . لا إشكال ولا ترديد في نسبة هذا الكتاب للمؤلّف قدس سره ، وذلك للاُمور التالية :
أوّلاً : أنّ كتب التراجم التي ترجمت للمؤلّف ، أوردت هذا الكتاب في آثاره .
وثانيا : لقد تعرّض المؤلِّف في كتاب الدرّ المنثور إلى طرف من حياته ، وذكر بعضَ مؤلّفاته ، وكان منها شرحه لاُصول الكافي .
وثالثا: أنّ المؤلّف صرّح باسمه واسم الكتاب «الدرّ المنظوم» في مقدّمة الكتاب.
2 . يعتبر الدرّ المنظوم من الآثار المهمّة للمؤلِّف ، وله مكانته الخاصّة من بين مؤلّفاته ، فمن خلال هذا الأثر اتّضحت القدرة العلميّة والأدبيّة واللغويّة له ، فنراه
يطرح نكاتا أدبيّة ظريفة ، ويبيّن معاني لغويّة لطيفة ، ويغور في طرح وجوه واحتمالات كثيرة للروايات.
وقد تعمّق في ذكر المعاني السامية لما ورد في كتابي العقل والعلم ، وبيّن أحاديث الكافي مستعينا بالآيات والروايات ، كاشفا أسرارها على أحسن ما يرام ، ممّا زان هذه الحاشية وزادها رفعة على غيرها ؛ وجميع هذه الاُمور تشكل بعض خصوصيّاتها وامتيازاتها على غيرها من الحواشي.
3 . ضمّنت هذه الحاشية بيان أحاديث اُصول الكافي إلى آخر كتاب فضل العلم. وكان المؤلّف قاصدا مواصلة شرحه لروايات الكافي بتمامها ، فقد قال قدس سره في آخر هذه الحاشية:
تمّ بعون اللّه تعالى وتوفيقه .. . الجزء الأوّل من الكتاب الموسوم ب «الدرّ المنظوم» على يد مؤلّفه أقلّ العباد عليّ بن محمّد بن الحسن بن زين الدين العاملي .. . ويتلوه بعون اللّه تعالى وتوفيقه ومشيّته في أوّل الجزء الثاني كتاب التوحيد.
ومن هنا قد يحتمل أنّه استمرّ في شرحه وبيانه لأحاديث الكافي بما يزيد على ما في أيدينا ، وقد يكون كذلك ، ولكن مع الفحص والتتبّع في فهارس الكتب الخطّيّة لم نعثر ولو على نسخة واحدة تدلّ على استمرار تدوينه لهذا الأثر.
بل هناك ما يدلّ على أنّ جميع ما كتبه حاشية على اُصول الكافي هو هذا المقدار الذي بين يدي القارئ الكريم ، وأمّا مازاد عليه فهو لم يكن إلاّ مسوّدات لم يتّفق له تبييضها ، فقد قال ـ فى معرض بيانه لبعض أحواله في كتاب الدرّ المنثور متطرّقا لحاشيته على الكافي ـ : «وكنت شرعت في شرحٍ على اُصول الكافي ، ظهر منه مجلّد إلى البياض ، ولم يتّفق تبييض بقيّة المسوّدات». ۲
نعم ، يحتمل أنّ تلميذه الشيخ عليّ الصغير استعان بتلك المسوّدات في شرحه لكتاب التوحيد من اُصول الكافي حتّى أخرجه بشكل رسالة مستقلّة.
وممّا يؤيّد هذا الاحتمال أنّ اُسلوب الشيخ عليّ الصغير وطريقة بيانه وشرحه لكتاب التوحيد قد شابه ما جاء في حاشية المؤلِّف .
4 . لم يتعرّض المؤلِّف في هذه الحاشية إلى أسناد الأخبار وأحوال الرجال ، وإنّما أحاله إلى الكتب المختصّة . وقال في توجيهه في مقدّمة الكتاب :
هذه حواشٍ يسيرة ، وتعليقات حقيرة .. . على اُصول الكتاب الكافي والمنهل العذب الصافي .. . معرضا عن التعرّض لأحوال الرجال ، روما للاختصار ؛ ولأنّ ذلك يحصل بمراجعة ماحرّره في هذا الفنّ علماؤنا الأخيار ، وبناءً على إخباره ـ قدّس اللّه روحه ـ بصحّة ما في كتابه من الآثار عمّا ظهر معناه وانكشفت حقيقة مبناه.
5 . نقل المؤلّف في هذه الحاشية عدّة مطالب عن والده الشيخ محمّد بن حسن بن زين الدين صاحب كتاب «استقصاء الاعتبار» ويقول عند نقلها : «قال والدي طاب ثراه» ، وهذا مايعني أنّ لوالده قدس سره شرحا مكتوبا على الكافي . وقد ذكرت بعض التراجم أنّ للشيخ محمّد قدس سره والد المؤلّف حاشية على الكافي . ولكن مع التتبّع والفحص في فهارس الكتب الخطّيّة لم نعثر على هذا الأثر .
واحتمال أن تكون تلك المطالب التي نقلها عن والده أخذها عنه مشافهة مردود ؛ وذلك لأنّه قدس سره صرّح في بعضها أنّه ينقل عن كتاب حرّره والده ، فمثلاً يقول في ذيل الحديث 29 من كتاب العقل : «وكتب والدي طاب ثراه على هذا ما صورته ...» .
وبناء على هذا يكون ما جاء في الدرّ المنظوم من حاشية الشيخ محمّد ليس إلاّ أثرا منقولاً من آثاره . ونأمل أن نعثر على نسخة من تلك الحاشية كي تحقّق وتدخل في مجامع الحديث وتطرح في خدمة المحقّقين والفضلاء .
6 . كانت للمؤلّف عناية خاصّة ودقّة متناهية في نقل الأحاديث التي ذكرها ورواها ثقة الإسلام الكليني رحمه الله في الكافي . ولم يعتمد في نقلها على نسخة واحدة ، بل أخذ من نسخ مختلفة ، واختار أصحّ العبارات ، وأشار إلى بعض الاحتمالات مستندا على النسخ بعبارة «في بعض النسخ».
7 . بعد التدقيق في هذه الحاشية ، وبعد المقايسة بين المباحث التي طرحت فيها وبين سائر الشروح والحواشي المعروفة على الكافي يتّضح أنّ هذه الحاشية لم تكن مقتبسة من غيرها من الشروح والحواشي.
كما وأنّ المطالب التي طرحت فيها تختلف اختلافا كبيرا عن مطالب الشروح والحواشي الاُخرى . وعليه يمكن أن يقال : إنّ هذه الحاشية انفردت بمطالب كثيرة ومهمّة لم تطرح في باقي الحواشي والشروح التي كتبت على الكافي .

1.انظر: رياض العلماء، ج ۴، ص ۱۹۸؛ روضات الجنّات، ج ۴، ص ۳۹۰؛ الفوائد الرضويّة، ص۳۲۳؛ طبقات أعلام الشيعة، القرن۱۲، ص ۵۴۵ ـ ۵۴۶؛ موسوعة طبقات الفقهاء، ج ۱۲، ص۲۲۸.

2.الدرّ المنثور ، ج ۲ ، ص ۲۴۵ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
30

أشعاره:

قال المؤلّف قدس سره:
لقد كنت في أوائل عمري أتعاطى نظم الشعر، وكنت كلّما نظمت شيئا من قصيدة وغيرها، تطلب نفسي ما يكون أعلى طبقة من ذلك النظم؛وكنت لذلك لا اُثبت ما نظمته، وبقي الآن في خاطري بعض أبيات اُثبت منها ما يحضرني وقت الكتابة ليكون تذكرة. ۱
فذكر أبياتا شعريّة نظمها في مناسبات مختلفة، ولنختر منها بعض ما نظمه راثيا ابنا له توفّي، اسمه «محمّد الأوّل»:
عرفت الليالي غثّها وسمينهافسيّان عندي سهلها وحزونها
ـ إلى أن قال ـ :
وما اُمّ خشف لم تجد طول عسرهاسواه ولم تظفره نجل بعينها
اضربه جرا الهجر فأصبحتعلى حاله فيها يجنّ جنونها
فلاح لها ماء فلمّا تعرّضتله نفسه وافته ثمّ منونها

بأعظم منّي لوعة يوم خبروابأنّك في تلك الفلاة دفينها
فياليت سمعي صمّ قبل سماعهوياليت نفسي قبله حان حينها۲
وله مقتطعات اُخرى نعرض عنها ونكتفي بهذا المقدار.

1.الدرّ المنثور، ج ۲، ص ۲۵۰.

2.الدرّ المنثور، ج ۲، ص ۲۵۰ـ۲۵۱ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 87512
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي