۴.عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقريّ ، عن عليّ بن هاشم بن البَريد ، عن أبيه ، قال :جاء رجلٌ إلى عليّ بن الحسين عليه السلام فسَأَلَه عن مسائلَ فأجابَ ، ثمَّ عادَ ليَسْأَلَ عن مثلها ، فقالَ عليُّ بن الحسين عليه السلام : «مكتوبٌ في الإنجيل :ص 45
لا تَطلُبوا علمَ ما لا تعلمون ولمّا تَعْمَلوا بما عَلِمتم ، فإنَّ العلمَ إذا لم يُعملْ به لم يَزدَدْ صاحبُه إلاّ كفرا ، ولم يَزدَدْ من اللّه إلاّ بُعدا» .
قوله عليه السلام في حديث عليّ بن هاشم بن البَريد بعد سؤال السائل إيّاه عن مسائل وجوابه له ، ثمّ عوده ليسأل عن مثلها : (مكتوبٌ في الإنجيل : لا تَطلُبوا علمَ ما لا تَعلمونَ ، ولمّا تَعملوا بما عَلِمْتم ، فإنّ العلمَ إذا لم يُعْمَلْ به لم يَزدَدْ صاحبُه إلاّ كفراً ، ولم يَزدَدْ من اللّه إلاّ بُعداً) .
في هذا الحديث فوائد :
الاُولى : النهي عن طلب العلم إذا لم يعمل الطالب بما كان قد علمه ، وعلَّلَه عليه السلام بأنّ العلم إذا لم يعمل به لم يَزْدَدْ صاحبه مع كفره الحاصل من ترك العمل بما علمه إلاّ كفراً آخر من التعلّم الآخر وعدم العمل به ، ولم يزدد مع البُعد من رضوان اللّه الحاصل من ترك العمل بما علمه إلاّ بُعداً ، أو لم يزدد مطلق العالم غير العامل إلاّ كفراً وبُعداً ، أو لم يزدد مع كفره وبُعده الحاصلين من الجهل إلاّ كفراً وبُعداً . وكون السائل أتاه عليه السلام ليسأله بعد سؤاله الأوّل يؤيّد الأوّل .
ومعنى «لمّا» حينئذٍ أنّه مالم يكن عمله بما يعلمه ۱ كائناً ومستمرّاً ، وأنّه إن ترك العمل في الماضي ينبغيأن يقلع عنه ويعمل به فيما يستقبل ثمّ يتعلّم غيره . وظاهر «لمّا» قد يؤيّد الثاني .
والمعنى : لا تطلبوا العلم من غير عمل . ولا ينافيه زيادة البعد والكفر ، والسياق على الأوّل ، ووجه الثالث يظهر ممّا تقرّر فتأمّل .
والظاهر أنّ المراد من الكفر البعد عن تحصيل كمال الإيمان ومزاياه إن لم يصل بترك العمل إلى مرتبة الكفر الحقيقي . وهذا على تقدير كون العمل ليس جزءاً من الإيمان .
الثانية : فيه دلالة على أنّ العالم غير العامل أسوأ حالاً من الجاهل ، وأنّه كلّما ازداد علماً بغير عمل ازداد كفراً وبُعداً على قدر علمه .
الثالثة : فيه تقريعٌ للجاهل وتنبيهٌ له على أنّه كافر بالمعنى السابق إن لم يصل إلى المرتبة الثانية ، وعلى أنّه بعيد من اللّه ، وإنّ من كان كذلك يجب عليه التخلّص من ظلمة الجهل إلى نور العلم بشرطه ، وأنّه لا يكون ساعياً في تحصيل ما قد يسمّى علماً وليس بعلم ؛ واللّه أعلم .