۶.عدَّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، رَفَعَه ، قال :قال أميرُالمؤمنين عليه السلام في كلام له خَطَبَ به على المنبر : «أيُّها الناسُ ، إذا عَلِمْتم فاعمَلوا بما عَلِمْتم لعلّكم تَهتدون ، إنَّ العالِمَ العامِلَ بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يَستفيقُ عن جهله ،
قوله عليه السلام في حديث أحمد بن محمّد بن خالد : (إنّ العالمَ العامِلَ بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يَستفيقُ عن جهله ، بل قد رأيتُ أنّ الحجّةَ عليه أعظمُ ، والحسرةَ أدومُ على هذا العالمِ المُنْسَلِخِ من علمِه منها على هذا الجاهلِ المتحيّرِ في جهله ، وكلاهما حائرٌ بائرٌ) .
شبّه عليه السلام العالم الذي يعمل بغير علمه الذي هو أدلّ على المقصود ممّن لا يعمل بعلمه بالجاهل المتحيّر بسبب جهله الذي لا يرتفع عنه جهله بوجه ، ولا يفيق من سكرة الجهل ليهتدي ولو في وقت مّا إلى طريق من طرق العلم والهدى ، فهو مثل الجاهل الذي هو في أعلى طبقات الجهل وأسفل دركات الشقاء ، فكان هذا الشقاء ثمرة تعبه وشقائه على تحصيل العلم ، فأعظم أفراد الجاهل أقلّ وبالاً منه ؛ لقوله عليه السلام : «بل قد رأيت أنّ الحجّة على أعظم» وهذا الإضراب منه عليه السلام لدفع توهّم أنّه مشابه له من جميع الجهات .
ومعناه : أنّي قد تحقّقتُ وعلمتُ أنّ الحجّة على هذا العالم أعظم من الحجّة على هذا الجاهل .
ووجهه ظاهر ، فإنّ العالم تَرَكَ ما ترك عن علمٍ ومعرفةٍ ، والجاهل تركه لا عن ذلك ، وإن كان مقصّراً بتركه التعلّم ، وليس من عَلِمَ كمن لا يَعلَم .