۹.الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن عاصم بن حُميد ، عن أبي بصير ، قال :سمعتُ أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «اكْتُبوا ، فإنّكم لا تَحفظون حتّى تَكتبوا» .
قوله عليه السلام في حديث أبي بصير : (اُكْتُبوا ، فإنّكم لا تَحفَظونَ حتّى تَكْتُبوا) .
من هذا الحديث يظهر وجه آخر للأوّل يفسّره هذا ، وهو أن يكون المراد به أنّ القلب له اعتماد على الكتابة بحيث إذا أراد حفظ شيء على وجهه لا يتيسّر إلاّ بعد الكتابة ، فيكون أمراً بالكتابة قبل الحفظ ، ثمّ بالحفظ ؛ فيتّحد مضمونهما أو يتقارب على أحد الوجهين الآتيين .
ومعنى «لا تحفظون حتّى تكتبوا» يحتمل وجهين :
أحدهما : لا تحفظون ما تسمعون عن الزيادة والنقصان والتبديل والتغيير إلاّ بالكتابة ، فإنّ ذلك كثيراً ما يحصل من الحفظ عن ظهر القلب ، فمع الكتابة يؤمن من ذلك . والثاني : أنّه لا يتيسّر الحفظ عن ظهر القلب على وجهه إلاّ بالكتابة ؛ لأنّ الإنسان إذا أراد حفظ شيء بمجرّد سماعه ، قلّما يتّفق له ذلك ؛ فإذا كتب ثمّ كرّر المراجعة تيسّر له الحفظ إذا أراده .
ويمكن إرادتهما معاً .
والظاهر أنّ معنى «لا تحفظون حتّى تكتبوا» : لا يتيسّر لكم حفظ كلّ ما تريدون حفظه على وجهه حتّى تكتبوا ، فلا يرد إمكان الحفظ في الجملة من دون الكتابة أو باعتبار الغالب ؛ واللّه أعلم .