377
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.في إخوانك ، فإن مِتَّ فأوْرِثْ كُتُبَكَ بَنيك ، .........

وقوله عليه السلام : «فأورِثْ كتبك بنيك» إمّا أن يكون المراد به الأمر باحتفاظ الكتب وعدم إخراجها عنه ببيعٍ وهبةٍ ونحوها في حياته ، ووصيّته لغير بنيه بعد مماته ؛ لتصل إلى بنيه لينتفعوا بها كما انتفع هو ، فإنّ البنين أحبّ إليه من غيرهم ، ومن أحبّ أحداً ينبغي أن يحبّ له ما يحبّ لنفسه ، والأقرب أولى بالمعروف .
وذكر البنين يمكن أن يكون باعتبار أنّ الإمام عليه السلام كان عالماً بأنّ الراوي له بنون فقط ، أو بنون هم أهل الانتفاع دون البنات ، أو باعتبار الغالب من عدم ۱ انتفاع البنات بالكتب ، أو باعتبار التغليب ، وإن لم يختصّ الأمر بالمخاطب وإن كان له بنون فقط .
وتوريث البنين يمكن أن يكون على وجه يصل إليهم سهمهم منها بخلاف مالو أخرجها عنه ، أو على وجه يختصّهم بها كوقف ووصيّة ونحوها لو لم يعتبر التغليب ونحوه . وهذا على تقدير وجود البنين ، فإنّهم أولى من غيرهم بذلك مع أهليّتهم ، وقيد الأهليّة معلوم إرادته ، فإنّ المقام مقام انتفاعهم كانتفاعه .
ويحتمل بعيداً أن يكون ذكر البنين كناية عمّن يتقرّب به واختياره على من يتقرّب به ؛ ليفيد أنّهم إن كانوا بنين فهم أولى ، وإلاّ فمن كان أقرب . ولعلّ الوجه كون المراد من الحديث إبقاءها لبنيه على وجه تصل إليهم وينتفعون بها ؛ واللّه أعلم .

1.في «ج» : «مع عدم» ؛ وفي «د» : «بعدم» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
376

۱۰.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن ابن بكير ، عن عُبَيد بن زرارة ، قال :قال أبو عبداللّه عليه السلام : «احتفِظوا بكُتُبكم ، فإنّكم سوف تَحتاجون إليها» .

۱۱.عدَّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد البرقيّ ، عن بعض أصحابه ، عن أبي سعيد الخَيبريّ ، عن المفضّل بن عمرَ ، قال :قال لي أبو عبداللّه عليه السلام : «اكتُبْ وبُثَّ علمَك

قوله عليه السلام في حديث عُبيد بن زرارة : (اِحْتَفِظوا بكُتُبِكم ، فإنّكم سوف تَحتاجونَ إليها) .
كان هذا إشارة منه عليه السلام إلى زمان الغيبة أو ما يعمّ عدم تيسّر الوصول إلى الإمام عليه السلام وسؤاله ، فإنّ الخطاب شامل لمن بعد المخاطبين بأيّ وجه اعتبر . والإتيان بـ «سوف» على التقديرين ظاهر .
وفي التعبير بـ «احتفظوا» دون «احفظوا» زيادة حثّ على الحفظ ، وكان فيه إيماء إلى أنّها تحفظهم أيضا إذا حفظوها ، بمعنى أنّ اللّه سبحانه يحفظهم بسبب حفظها ۱
؛ واللّه أعلم .
قوله عليه السلام في حديث المفضّل : (اُكْتُبْ وبُثَّ علمَك في إخوانك ، فإن مِتَّ فأوْرِثْ كُتُبَك بَنيك ، فإنّه يأتي على الناس زمانُ هَرْجٍ لا يَأنَسونَ فيه إلاّ بكُتُبِهم) .
فيه أمر بالكتابة ونشر العلم في إخوانه الذين يقولون بمقالته ، دون غيرهم .
وفي قوله عليه السلام : «فإن متّ» دون قوله : «فإذا متّ» مع أنّ الموت مجزوم به ومحقّق الوقوع لطفٌ منه عليه السلام بالمخاطب بعدم خطابه بما يتحقّق وقوعه ، فإنّه يصير من قبيل الدعاء عليه ؛ من حيث إنّ اللفظ محتمل لما يريد المتكلّم الجزم به ، ولما هو مجزوم به في نفس الأمر .
وهذا متعارف في مخاطبة الأحبّة ، كقولك : إن كان كون ولا أراه ونحو ذلك ، فيعدل عن «إذا» إلى التعبير بـ «إن» . ولمّا كان في مثله الكلام معلّقاً على الموت لم يكن مرتبة اُخرى دون الإتيان به ، ومثل : إن كان كون إلخ ، ونحوه يليق تقييده ممّن هو دون المخاطب ، أو مساو له ولو ادّعاء .

1.في «ج» : + «إذا حفظوها» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 104844
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي