461
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۵.عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونسَ ، عن حمّاد ، عن عبداللّه بن سنان ، عن أبي الجارود ، قال :قال أبو جعفر عليه السلام : «إذا حَدَّثْتُكُمْ بشيء فاسألوني من كتاب اللّه » ثمّ قال في بعض حديثه : «إنّ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله نهى عن القيل والقال ، وفسادِ المال ، وكثرةِ السؤال» . فقيل له : يا ابن رسول اللّه أين هذا من كتاب اللّه ؟ قال : «إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول :

قوله عليه السلام في حديث أبي الجارود : (إذا حَدَّثْتُكم بشيءٍ فَاسألوني من كتابِ اللّه . ثمّ قال في بعض حديثه : إنّ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله نَهى عن القيلِ والقالِ ، وفَسادِ المالِ ، وكَثرةِ السؤالِ ، فقيل له : يابن رسولِ اللّه ، أين هذا من كتابِ اللّه ؟ قال : إنّ اللّه َ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ يَقولُ :« لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَ?ـهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـاحِم بَيْنَ النَّاسِ »۱وقال :« وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِى جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَـامًا »۲وقال :« لاَ تَسْـالُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ »۳) .
قوله عليه السلام : «فاسألوني من كتاب اللّه » يحتمل أوجهاً :
أحدها : أن يكون من قبيل قولك : سألته من الدراهم ، أي طلبت منه أن يعطيني منها ، فأمرهم عليه السلام بأن يطلبوا منه أن يجيبهم من كتاب اللّه ، وأنّ هذا ينبغي طلبه من مثله عليه السلام ومن الكتاب ، كما يطلب السائل الدراهم وغيرها ممّن عنده ذلك ،
ومعناه : اطلبوا منّي معنى الحديث الذي حدّثتكم به من الكتاب لأدلّكم عليه فيه ومن أين أُخذ منه .
الثاني : أن يكون ضمن «اسألوني» معنى «امتحنوني واختبروني» ونحوه ، فقد دلّ على المسألة والاختبار معاً بقرينة من بعد اسألوني ، فمعناه : اسألوني مختبرين أو ممتحنين ؛ فدلّ هذا اللفظ على ما ذكر ، وهو من الفصاحة والبلاغة بمكان .
الثالث : أن يكون معناه : اسألوني سؤالاً منشؤه ومتعلّقه الكتاب ، كأن يقولوا : أين هذا من الكتاب أو في الكتاب .
و«القيل والقال» : اسمان للمصدر ، أو مصدران ، أو القيل مصدر والقال اسمه . والقيل والقال للشرّ ، كما أنّ القول للخير ، أوهما اسمان للكثير من القول .
و«فساد المال» بمعنى إفساده .
فإن قلت : ما وجه التعبير بفساد المال دون إفساده ، مع أنّ النهي عنه لا عن الفساد؟
قلت : يمكن أن يكون وجه العدول ـ واللّه أعلم ـ لفائدة الحثّ على حفظ المال من الفساد ولو من نفسه ، فإنّ الإفساد يفيد ما كان مستنداً إلى صاحبه ، بخلاف الفساد ، وإن كان المقصّر في حفظ ماله يقال في حقّه : أفسد ماله ؛ فتدبّر .
ولا ينافيه دلالة قوله تعالى « وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ » على الإفساد دون الفساد بحسب الظاهر ؛ لأنّ السفيه قد يحصل بسفهه تقصير يحصل منه الفساد ، كما يحصل الإفساد منه ومن الذي يعطيه ؛ واللّه تعالى أعلم .
وعن النهاية : المناجي : المخاطب للإنسان والمحدّث له ، والنجوى اسم يقام مقام المصدر ؛ انتهى ۴ .
وفي القاموس : النجوى : السرّ كالنَّجِيّ ، والمتسارّون اسمٌ ومصدرٌ ؛ انتهى ۵
.

1.النساء (۴) : ۱۱۴ .

2.النساء (۴) : ۵ .

3.المائدة (۵) : ۱۰۱ .

4.النهاية ، ج ۵ ، ص ۲۵ ـ ۲۶ (نجا) .

5.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۹۲ (نجا) .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
460

۰.فهو من الطريق ، وما كان من الدار فهو من الدار حتّى أرش الخَدْشِ فما سواه ، والجَلْدَةِ ونصف الجَلْدَةِ» .

۴.عليٌّ ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونسَ ، عن حمّاد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :سمعته يقول : «ما من شيء إلاّ وفيه كتابٌ أو سُنَّةٌ» .

وقوله عليه السلام : «حتّى أرش الخدش» متعلّق بالكلام السابق ، وما بينهما معترض اقتضى المقام تفريعه على ما تقدّمه ، وأصله : ما خلق اللّه حلالاً ولا حراما إلاّ وله حدّ حتّى أرش الخدش ، إلى آخره .
ومعنى «فما سواه» : ما سواه ممّا هو مثله أو دونه ، و«الجلدة» معطوفة على أرش الخدش ، أي حتّى أرش الخدش والجلدة ونصف الجلدة ؛ ولهذا عطف «ماسواه» بالفاء وما بعده بالواو .
وأرش الخدش والجلدة ونصف الجلدة ظاهرُ التركيب أنّها من المحدود ، والأنسب بحسب المعنى كونها من الحدّ .
والمعنى على الأوّل أنّ أرش الخدش له حدّ ، فإنّ كلّ خدش له مقدار من الحكومة ونحوها وهو حدّه ، والجلدة ونصفها لكلّ منهما حكم على من تعدّى بهما ابتداء ، أو زاد في الحدّ بهما .
وعلى الثاني يكون الأرش حدّا للخدش ، والجلدة ونصف الجلدة حدّا لشيء آخر ولو بالحدّ العامّ . والظاهر هنا الحدّ الخاصّ ، ويمكن فرضهما في بعض الصور ؛ واللّه أعلم .
قوله عليه السلام في حديث حمّاد : (ما مِن شيءٍ إلاّ وفيه كتابٌ أو سَنّةٌ) .
إن قيل : إنّ ما تقدّم يدلّ على أنّه ۱ ما من شيء إلاّ وفيه كتاب ، وهنا كتاب أو سنّة ، فكيف الجمع بينهما؟
قلت : يمكن الجمع بينهما بأنّ بعض الأشياء يدلّ عليها الكتاب نصّاً أو ظاهراً ونحوهما ، فهذا ما يتعلّق بالكتاب ، وما لم نعلم ۲ حكمه من الكتاب بل من السنّة لا ينافي كون أصله من الكتاب ، فهو من السنّة باعتبار أنّ السنّة تبيّنه وتكشف عنه .
ويحتمل كون «أو» بمعنى الواو ، بمعنى أنّ الكتاب والسنّة اتّفقا عليه ، والعدول إلى «أو» باعتبار أنّه إلى أيّهما نُسب كان حقّاً ؛ واللّه أعلم .

1.في «د» : «أنّ» .

2.في «ألف» : «ما لم يعلم» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 114810
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي