463
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.« لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَ?ـهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـاحِم بَيْنَ النَّاسِ » وقال : « وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَـامًا » وقال : « لاَ تَسْـالُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ » » .

۶.محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبةَ بن ميمون ، عمّن حدّثه ، عن المعلّى بن خُنيس ، قال :قال أبو عبداللّه عليه السلام : «ما من أمر يَختلفُ فيه اثنان إلاّ وله أصلٌ في كتاب اللّه عزَّ وجلَّ ، .........

وقوله تعالى : « لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَ?ـهُمْ »۱ باعتبار الكثير يناسب القيل والقال ، بمعنى الكثير من القول . وسلب الخير إن كان معه شرّ ناسب المعنى ۲ الآخر ، وكذا إن كان كناية عن الشرّ ، كما يقال : فلان لاخير فيه إذا كان ذا شرّ ؛ واللّه أعلم .
والسؤال عن الأشياء التي إن تُبْدَلهم تسؤهم لا شكّ في أنّه بسببه يكثر السؤال ، فالنهي عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال تدلّ عليه الآيات المذكورة ، والآية الاُولى تتضمّن النهي ، والنهي في الآيتين ظاهرٌ ؛ واللّه أعلم .
وما يتعلّق بتفسير الآيات ليس هذا محلّه ، فإنّه مذكور في التفاسير .
قوله عليه السلام في حديث المعلّى بن خُنيس : (ما مِن أمْرٍ يَختلفُ فيه اثنان إلاّ وله أصلٌ في كتابِ اللّه ِ عَزَّ وجَلَّ ، ولكن لا تَبْلُغُه عقولُ الرجالِ) .
معناه ـ واللّه أعلم ـ : ما من شيء يقع فيه الاختلاف ـ أي في حكمه ما هو ـ إلاّ وله أصل في الكتاب يؤخذ منه ويعلم منه حكمه ، بحيث لو عرف ذلك الأصل وطريق أخذه منه لم يقع الاختلاف في ذلك ، وكان الحقّ في أحد الطرفين أو خارجا عنهما ، فالحقّ فيما يختلف فيه واحد .
ومنه يظهر كون حكم اللّه في الواقع واحداً لا يتغيّر بأنظار المختلفين ، نعم ما كان منشؤ اختلافه منهم عليهم السلام فيمكن أن يقال : إنّ حكم اللّه تعالى يختلف باختلاف
الأوقات التي يعلمون عليهم السلام أنّ كلّ وقت منها يقتضي حكماً من أحكام اللّه ، وما كان من ذلك من جهة التقيّة فالظاهر أنّه من قبيل الرخصة لهم بالقول والعمل به ، لا أنّه حكم اللّه في الواقع ، نعم قد يكون الأمر به على هذا الوجه حكماً للّه ؛ واللّه أعلم .
ولا ينافي ذكر ما يقع فيه الاختلاف كون ما لا يختلف فيه له أصل أيضاً في الكتاب . وذكره ۳ إمّا لأنّ المقام مقام بيان ما يقع فيه الاختلاف فقط ، وإمّا لأنّ ما لا اختلاف فيه أمره ظاهر .
ويحتمل أن يكون المراد : ما من أمر من شأنه أن يقع فيه الاختلاف .
وهذا يحتمل وجهين :
أحدهما : ما من شأنه ذلك بأن يكون ۴ محلاًّ لوقوع الاختلاف ؛ فهو أعمّ من الأوّل من حيث اعتبار وقوع الاختلاف في الأوّل بالفعل .
والثاني : أن يكون شاملاً لكلّ أمر بحيث لو اختلف فيه ، لكان ذلك الأصل يرفع الاختلاف . وذكر الاختلاف حينئذٍ لفائدة أنّه لو وقع فيه اختلاف لا يكون الحقّ في الطرفين ، بل الحقّ واحد ، وأصله في كتاب اللّه .
ووجه ذكر الاختلاف في غيره ظاهر . وهذا إذا لم يمكن الجمع بين وجهي الاختلاف ، وإلاّ فقد يتصوّر أصل يدلّ عليهما معاً إذا لم يكن بينهما تضادّ ونحوه .
وذكر اختلاف الاثنين لأنّهما أقلّ ما يحصل بهما الاختلاف ، وأكثر منهما يصدق فيه اختلاف الاثنين ، فإنّ الثلاثة مثلاً إمّا أن يقول كلّ واحد بشيء فبين كلّ اثنين منها اختلاف ، وإمّا أن يقول واحد بشيء واثنان بشيء ، فبين الواحد وكلّ منهما اختلاف . وكذا ما فوق الثلاثة . ويحتمل أن يكون الاثنان كناية عمّن يقع بينهم الاختلاف ، سواء كانوا اثنين أم أكثر ، بل عمّن يشمل مالو خالف الإنسان نفسه .

1.النساء (۴) : ۱۱۴ .

2.في «ج»: + «المعنى».

3.في «ج» : + «أيضا» .

4.في «ج» : + «ذلك» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
462
  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 114684
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي