۰.ولكن لا تَبلُغُه عقولُ الرجال» .
وقوله عليه السلام : «ولكن لا تبلغه عقول الرجال» الظاهر أنّ المراد منه غيرهم عليهم السلام ، ومعناه : أنّ العقول لا تقدر على أن تستقلّ بإدراكه وتستبدّ بمعرفته ، فإنّ ذلك مختصّ بهم عليهم السلام من اللّه عزّ وجلّ .
ويحتمل أن يكونوا عليهم السلام داخلين في الرجال ، فإنّ معرفتهم للاُصول التي في القرآن لا من جهة العقل ، بل ببيان اللّه عزّ وجلّ لرسوله صلى الله عليه و آله وبيانه لهم عليهم السلام .
ولعلّ هذا أظهر ، واللّه أعلم .
فإن قلت : ما كان في الكتاب محكماً ونحوه قد تدركه عقول غيرهم عليهم السلام فضلاً عن عقولهم ، فكيف وجه قوله عليه السلام : «ولكن لا تبلغه عقول الرجال»؟
قلت : أمّا على تقدير أن يكون المراد ما يقع فيه الاختلاف فقط ، فالأمر ظاهر ، فإنّ عقول الرجال لو بلغته على وجهه لم يقع الاختلاف إذا كان ذلك منشأ الاختلاف ، وكذا على تقدير إرادة ما من شأنه أن يكون محلاًّ للاختلاف بحيث لا يدخل ما أصله مثل المحكم ، ولو قدّر بما يشمله ، اُجيب بأنّ أمراً وقع نكرة في سياق النفي ، فمعناه متعدّد ولفظه مفرد ، فمعناه : كلّ أمر له أصل في كتاب اللّه ولا يبلغ أصل كلّ أمر عقول الرجال ، أو كلّ أصل أمر ؛ فلا ينافي بلوغ العقول بعض اُصول الاُمور ، فإنّه رفع للإيجاب الكلّي .
أو يقال : إنّ في التعبير بقوله عليه السلام : «تبلغه» دلالةً على أنّ العقول لا تقدر على معرفته التامّة التي يعرفها المعصوم عليه السلام بعقله على ما تقدّم أو ببيان اللّه ورسوله . وهذا قد يدخل تحته المحكم ونحوه أيضاً ؛ فتأمّل ، واللّه تعالى أعلم .