467
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.وعن الرّسول ومَن أرسَلَه ، على حين فَترةٍ من الرسل ، وطول هَجعةٍ من الأُمم ، وانبساطٍ من الجهل ، واعتراضٍ من الفتنة ، وانتِقاضٍ من المبرَم ، وعَمىً عن الحقِّ ، واعتِسافٍ من الجور ، وامتِحاقٍ من الدين ، وتَلَظٍّ من الحروب ، على حين اصفرارٍ من رياض جَنّاتِ الدنيا ، ويُبْسٍ من أغصانها ، وانتثارٍ من وَرَقِها ، ويأسٍ من ثمرها ، واغورارٍ من مائها ،

قوله عليه السلام فيه : (على حينِ فَترَةٍ من الرسلِ ، وطولِ هَجْعَةٍ من الاُمَمِ ، وانبساطٍ من الجهلِ ، واعتراضٍ من الفتنةِ ، وانتقاضٍ من المُبرَمِ ، وعمًى عن الحقِّ ، واعتِسافٍ من الجورِ ، وامتحاقٍ من الدين) .
الجارّ في قوله عليه السلام : «على حين» متعلّق بـ «أرسله» أو هو مستقرّ .
وهذا الكلام بتمامه تقدّم من جملة خطبة الكتاب ، وتقدّم ما يتعلّق به من الكلام .
قوله عليه السلام فيه : (وتَلَظٍّ من الحروبِ) .
تَلَظِّي الحروبِ : تَلَهُّبُها . وهو من قبيل اشتعال الرأس أو أظفار المنيّة .
قوله عليه السلام فيه : (على حينِ اصفرارٍ من رياضِ جَنّاتِ الدنيا ، ويُبْسٍ مِن أغصانِها ، وانتشارٍ۱مِن وَرَقِها ، ويَأسٍ من ثَمَرِها ، واغوِرارٍ من مائها) .
«على» هنا أيضاً متعلّقة بـ «أرسله» أو مستقرّ ، وترك العطف لأنّه من قبيل قولك : أتيت زيدا في داره في وقت سروره . والعطف قد يدلّ على ما ليس بمقصود ؛ فتدبّر .
والدنيا إذا لم يكن فيها رسول ولا كتاب يعمل به ولا تجرى فيها أحكام اللّه تعالى ولا يعرف ذلك أهلها ، كانت كالجنّات التي اصفرّت رياضها ، ويَبُست أغصانها ، وانتشر أو انتثر ورقها ـ على النسختين ، والانتشار بالمثلّثة لعلّه أنسب ـ وحصل اليأس من ثمرها ، بمعنى أنّها لا يحصل منها ثمر بعد حصول هذه الأشياء ، وغار ماؤها ؛ بخلاف ما إذا كان الرسول والكتاب بين أظهرهم ، فإنّ الدنيا تكون رياضها أنيقة ، وورقها غضّاً ، وأغصانها نضرة ، وثمرها يانعاً ، وماؤها جارياً .

1.في الكافي المطبوع : «انتثار» ، وفي بعض نسخ الكافي : «انتشار» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
466

۷.محمّدُ بن يحيى ، عن بعض أصحابه ، عن هارونَ بن مسلم، عن مسعدة بن صدقةَ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :«قال أميرُالمؤمنين عليه السلام : أيّها الناسُ ، إنّ اللّه َ ـ تبارك وتعالى ـ أرسَلَ إليكم الرسولَ صلى الله عليه و آله وأنزَلَ إليه الكتابَ بالحقّ وأنتم اُمّيّون عن الكتاب ومَن أنزَلَه ،

قوله عليه الصلاة والسلام في حديث مسعدة بن صدقة : (أيّها الناسُ ، إنّ اللّه َ ـ تبارَكَ وتَعالى ـ أرْسَلَ إليكم الرسولَ صلى الله عليه و آله ، وأنزلَ إليه الكتابَ بِالحقِّ وأنتم اُمّيّون عن الكتابِ ومَن أنزلَه ، وعن الرسولِ ومَن أرسَلَه) .
«الاُمّيّ» : من لا يكتب ، أو مَن على خلقة الاُمّة لم يتعلّم الكتاب ۱ ، هو باق على جبلّته ، والعَيّي الجِلْف الجافي القليلُ الكلام ؛ قاله في القاموس ۲ .
وفي غريب القرآن : «اُمّيّون» : الذين لا يكتبون ، واحدهم «اُمّيّ» منسوب إلى الاُمّة الاُمِّيّة التي هي على أصل ولادات اُمّهاتها لم تتعلّم الكتابة ولا قراءتها ۳ .
والمراد هنا ـ واللّه أعلم ـ أنّ اللّه تعالى أرسل الرسول وأنزل الكتاب في حال كونهم بعيدين أو عادين أو غافلين ونحوه عن معرفة اللّه ورسوله وكتابه ، وما يتضمّنه ۴ ممّا فيه صلاحهم ، فضمِّن «اُمّيون» معنى ما تقدّم .
والظاهر أنّه ليس المراد بالرسول والكتاب خصوصَ نبيّنا عليه الصلاة والسلام والقرآنِ ، بل الظاهر عدم دخولهما تحت الإطلاق ، فليس المراد العهد الذكريَّ إلاّ على معنى لا يعرفون معنى المرسل ما هو ، والمرسل ما هو ، والكتاب ما هو ، ومنزله من ۵ هو ؟
والمعنى على الأوّل أنّهم لا يعرفون اللّه وأحكامه ورسله وكتبه ، ولا يقرؤونها فيعرفون ما فيها . ولعلّ هذا أنسب معنى من إرادة الرسول صلى الله عليه و آله والقرآن ، وإن ذكرا قبل هذا الكلام ؛ واللّه أعلم .

1.في «د» : «الكتابة» .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۷۶ (أُمم) .

3.تفسير غريب القرآن ، ص ۴۸۸ .

4.في «د» : «ويتضمّنه» .

5.في «ج» : «ما» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 114669
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي