469
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.مُكفَهِرَّةٌ ، مُدبِرَةٌ غيرُ مُقِبلَةٍ ، ثمرتُها الفتنةُ ، وطعامُها الجيفةُ ، وشِعارُها الخوفُ ، ودِثارُها السيفُ ، مُزِّقْتُم كلَّ مُمَزَّقٍ ، وقد أعمَتْ عيون أهلِها ، وأظلَمَتْ عليها أيّامُها ، قد قَطعوا أرحامَهم ، وسَفَكوا دماءَهم ، ودَفَنوا في التراب الموؤودةَ بينهم من أولادهم ،

قوله عليه السلام فيه : (ثَمَرَتُها الفتنةُ ، وطَعامُها الجيفةُ ، وشِعارُها الخوفُ ، ودِثارُها السيفُ ، مُزِّقْتهم۱كلِّ مُمَزَّقٍ) .
في مختصر الشرح :
استعار لفظ الثمر للفتنة باعتبار أنّها غاية للعرب يومئذٍ من حركاتهم وحروبهم ، ولفظ الجيفة لما لم يذكر اسم اللّه عليه من الذبائح أو ما كانوا يأكلونه من النهب والغارة تنفيراً عنه لحرمته ، ولفظ «الشعار» للخوف من النهب والغارات باعتبار ملازمته لهم ، ولفظ «الدثار» للسيف لعلوّه لهم غالبا ؛ انتهى ۲ .
والممزّق مصدر كالتمزيق ، وكان المراد بكلّ ممزّق : نهاية التمزيق ، أو التمزيق التامّ ، أو كلّ نوع من التمزيق . وفي أكثر النسخ : «قد مزّقتم» ففيه التفات إلى أصل الخطاب .
قوله عليه السلام فيه : (وقد أعْمَتْ عيونُ أهلِها ، وأظلَمَتْ عليها أيّامُها) .
ضمير «عليها» و «أيّامها» رجوعه إلى العيون أنسب من رجوعه إلى الأهل ؛ من حيث الإتيان بهذا الضمير دون «عليهم أيّامهم» ، ومن حيث مناسبة الإظلام للعيون . ويجوز رجوعه إلى الأهل ، والعدول حينئذٍ إلى «عليها أيّامها» لمناسبة أهلها والازدواج معه ، مع جواز أن يقال : الرجال جاءت .
ويحتمل أن يكون «أيّامها» فاعل «أظلمت» من قبيل قولك : ضاع على فلان سعيه .
قوله عليه السلام فيه : (وسَفَكوا دماءَهم ، ودَفَنوا في الترابِ المَوؤودَةَ بينهم من أولادِهم) .
سفكهم دماءهم من حيث إنّهم يفعلون سبب سفك دمائهم من قتل مَن سفك دمه غيره أو نحوه الباعث على سفك دمه ، فهو من قبيل قولك : فلان يبحث على حتفه بظلفه ؛ أو من حيث إنّ دم الغير محترم كاحترام دم النفس ، فمن سفك دم غيره فكأنّما سفك دم نفسه ؛ أو بتقدير مضاف بمعنى يسفكون دماء أقاربهم وإخوانهم ومن ينسب إليهم ؛ أو بتقدير دماء بعضهم ببعض .
و«الموؤودة» : البنت المدفونة حيّةً ، يقال : وَأدَ بنته يَئدُها : دفنها حيّةً ، وهي وَئيدٌ ووَئيدةٌ وموؤودة ۳
. فهو من باب قتل قتيلاً .
وفي ذكر «بينهم» تنبيه على أنّ هذا الأمر الشنيع شاع بينهم ، وصار متعارفا بحيث لا ينكره أحد منهم .
و«من» في قوله «من أولادهم» تبعيضيّة ، والظرف حال . وفيه تنبيه على نهاية قساوتهم حيث يفعلون مثل هذا بمن هو من أولادهم .

1.في الكافي المطبوع وكثير من نسخه : «مزّقتم» .

2.اختيار مصباح السالكين ، ص ۲۱۳ .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۴۲ (وأد) .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
468

۰.قد دَرَسَتْ أعلامُ الهدى ، فَظَهَرَتْ أعلامُ الردى ، فالدنيا مُتهجِّمَةٌ في وجوه أهلِها ،

قوله عليه السلام فيه : (قد دَرَسَتْ أعلامُ الهُدى ، وَظَهَرَتْ۱أعلامُ الرَّدَى ، فالدنيا مُتَجَهِّمَةٌ في وجوهِ أهْلِها ، مُكفَهِرَّةٌ ، مُدبِرةٌ غيرُ مُقِبلَةٍ) .
يجوز كون «درس» مبنيّاً للفاعل وكونه مبنيّاً للمفعول ، فإنّه يتعدّى ولا يتعدّى . و«الأعلام» فاعلٌ أو نائبه .
ودروس أعلام الهدى كنايةٌ عن عدم معرفة اللّه تعالى وأنبيائه وأحكامه وشرائعه ، والتأدّبِ بآداب الإسلام ؛ وفيه استعارة .
ومثله ظهور أعلام الردى ، وهي أعلام الكفر والضلال . ويقال : جهمه وتجهّمه : استقبله بوجه كريه ۲ .
و«المكفهرّ» : الغليظ الأسود ، واكفهرّ الرجل : إذا عبس ، وفلان مكفهرّ اللون : إذا ضرب لونه إلى الغبرة ۳ . وكأنّ المراد به أنّها ناظرة إليهم بوجه عبوس غليظ ؛ لعدم وجود من يجرى فيها الأحكام والقوانين التي بها ينتظم أمرهم وتحسن ۴ حالهم .
وفي مختصر الشرح : «ووصف التجهّم والعبوس من الدنيا لعدم وضوح مطالبها وتيسّرها لطلاّبها من العرب ؛ إذ الخطاب معهم» ؛ انتهى ۵ .
وذكر «غير مقبلة» بعد قوله : «مدبرة» لإفادة أنّها ليست كما يُدبر ويرجا إقباله ، فالدنيا إدبارها عليهم من هذا القبيل ، أو أنّ إدبارها ليس فيه شائبة إقبال ۶ ؛ واللّه أعلم .

1.في الكافي المطبوع : «فظهرت» . وفي كثير من نسخ الكافي : «وظهرت» .

2.لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۱۱۰ (جهم) .

3.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۸۰۹ (كفهر) .

4.في «ب» : «يحسن».

5.اختيار مصباح السالكين ، ص ۲۱۳ .

6.في «ج» : «الإقبال» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 108287
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي