47
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

بسم اللّه الرحمن الرحيم
وبه الاستعانة ومنه التوفيق ۱
أصحُّ الأخبار سنداً وأعلاها ، وأحسن الآثار متناً وأغلاها ، وأوثق الأحاديث معنى وأقواها ، حمدُ من تواترت اُصول نعمه وفروعُها ، وتظافرت دلائل توحيده ، معقولها ومسموعها ، وتظاهرت آيات حجّته ، فتفجّرت من العلوم ينابيعها .
والصلاة على من أسّسَ قواعد الدين وشيّدها ، وأحكم أحكام الشريعة الحنيفيّة ومهّدها ، وأطفأ نيران الجهل والضلال وأخمدها ، وعلى آله الذين أذهبَ اللّه عنهمُ الرجس وطَهَّرهم تطهيراً ، وجعلهم لدينه أعلاماً وسراجاً وقمراً ۲ منيراً ، ۳« لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنم بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى
مَنْ حَىَّ عَنم بَيِّنَةٍ »۴
، ولم يزل بعباده لطيفاً خبيراً . ۵
وبعد ، فيقول غريق بحر ذنبه ، وراجي عفو ربّه «عليّ بن محمّد بن الحسن بن زين الدين» نوَّر اللّه قلبه بأنوار المعرفة واليقين : هذه حواش يسيرة ، وتعليقات حقيرة كنتُ قد كتبتها متفرّقة ، فعَنّ ۶ لي أن أجعلها متّسقة مع إضافة ما تيسّر ، وعدم التعرّض لما أشكَل وتعسَّر ، بحسب ما وصَل إليه نظري القاصر ، وتصوَّر ۷ فكري الفاتر ، وإلاّ فحقيقة مطالب حججه عليهم السلام ومقاصدهم لا تحصل غالباً إلاّ من نحو مشافههم ومشاهدهم ، فإنّ علمهم البحر الذي لا ينزف ، وفضائلهم لا تحدّ ولا توصف على اُصول الكتاب الكافي ، والمنهل العذب الصافي للثقة الجليل محمّد بن يعقوب الكليني أنار اللّه برهانه ، وأعلى في علّيّين مكانه ؛ فلعمري لم ينسج ناسجٌ على منواله ، ومنه يُعلم قدر منزلته وجلالة حاله ، معرضاً عن التعرّض لأحوال الرجال ، روماً للاختصار ، ولأنّ ذلك يحصل بمراجعة ما حرّره في هذا الفنّ علماؤا الأخيار ، وبناءً على إخباره ـ قدّس اللّه روحه ـ بصحّة ما في كتابه من الآثار ، وعمّا ظهر معناه ، وانكشفت حقيقة مبناه ؛ وعلى اللّه قصد السبيل ، وهو حسبي ونعم الوكيل .
ولنبدأ أوّلاً بما يتعلّق بالخطبة ممّا لعلّه يحتاج إلى البيان ، وباللّه سبحانه الاستعانة وعليه التكلان ، فإنّ أكثرها مقتبس من كلام اللّه سبحانه وأخبارهم ، وعليها مسحة من نور فيضهم وآثارهم ، ولتشرّف هذه الحاشية بكلامهم الشريف ، سمّيتها بـ «الدرّ المنظوم من كلام المعصوم» .

1.في «ب ، د» : - «وبه الاستعانة ومنه التوفيق» .

2.في حاشية «د» : «إفراد السراج والقمر لوحدة السراج ، المراد به الشمس ، ووحدة القمر ؛ وللاقتباس ، ومناسبة ما سبق ، وملاحظة السجع معه ، وإفادة الجنس معنى الجمع ، كما في قول أبي ذويب : والعين بعدهم كأن حداقهاسملت بشوك فهي عور تدمع وعدم الحرج في عطف المفرد على الجمع وعكسه ، كقوله تعالى : «خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَ عَلَى سَمْعِهِمْ» [البقرة (۲) : ۷] وقوله تعالى : «أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَ سَمْعِهِمْ وَ أَبْصَـارِهِمْ» [النحل (۱۶) : ۱۰۸] . ولمناسبة الجمع للأعلام ، فإنّ العَلَم هوالجبل ونحوه مما يهتدى به ، فالتشبيه بها من حيث ملاحظة الذات والأشخاص الطاهرة الظاهرة ، وهي متعدّدة مثلها . والتشبيه بالشمس والقمر بملاحظة نورهما الذي يستضاء ويهتدى وينتفع به . ولمّا كان نورهم عليهم السلام واحدا باعتبار أصله أو كالواحد ، ناسب الوحدة في ذي النور المشبّه به ، فباعتبار كون كلّ منهم علما يهتدى به مع تعدّد الأعلام ناسَبَ الجمع ، وباعتبار اتّحاد النور وإرادة النور من التشبيه ناسَبَ الإفراد (منه دام ظلّه) » . وفي حاشية «ألف» قريب منه ، و حيث إنّه يحتمل قويّا أن يكون بخطّ المؤلف نذكره بنصّه : «إفراد السراج والقمر لوحدة السراج ، المراد به الشمس ، ووحدة القمر ، بخلاف الأعلام ، فإنّها لتعدّدها ناسبها الجمع ؛ وللاقتباس مع ملاحظة السجع ؛ وإفادة الجنس معنى الجمع ، وعدم الحرج في عطف المفرد على الجمع وعكسه ، خصوصا مع نكتة ، ما في قوله تعالى : «خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَ عَلَى سَمْعِهِمْ وَ عَلَى أَبْصَـارِهِمْ غِشَـاوَةٌ» ؛ «أُولئكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَ سَمْعِهِمْ وَ أَبْصَـارِهِمْ» . وقد ذكرت لهذا وجها خطر لي في بعض تعليقات البيضاوي لم أره مذكورا . ويكون «الأعلام» المشبّه بها هي الجبال التي يهتدى بها ونحوها . والتشبيه بها من حيث ملاحظة الذوات والأشخاص الطاهرة الظاهرة ، وهى متعدّدة مثلها ؛ ولإرادة النور الذي يستضاء ويهتدى وينتفع به من الشمس والقمر ، وكان نورهم عليهم السلام واحدا أو كالواحد ، ناسب إرادة الوحدة في ذي النور المشبّه به ؛ فباعتبار كون كلّ منهم عَلَما يهتدى به ، مع تعدّد الأعلام ، ناسب الجمع ؛ وباعتبار اتّحاد النور وذي النور الإفراد (منه عفى اللّه عنه) » .

3.في «د» : + «و» .

4.الأنفال (۸) : ۴۲ .

5.في «ب» : + «بصيرا».

6.في «ألف و ب» : «فهنّ» .

7.في «ألف و ج » : «وتصوّره» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
46
  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 88878
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي