471
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.واللّه ِ منه عقابا ؛ حَيُّهُم أعمى نَجِسٌ ، وَميِّتُهم في النار مُبْلِسٌ ، فجاءهم بنُسخَة ما في الصُّحُف الأُولى ، وتصديقِ الذي بين يديه ، وتفصيلِ الحلالِ من رَيب الحرامِ .

قوله عليه السلام فيه : (حَيُّهم أعمى نَجِسٌ ، وَميّتهُم في النار مُبْلَسٌ) أي حيّهم أعمى عن ۱ نور الحقّ ومصابيح الشريعة وآدابها ، أو قلبه أعمى عن ذلك ونجس بنجاسة الكفر والضلال نجاسةً ظاهرة وباطنة .
وفي غريب القرآن : مبلسون : آئسون وملقون بأيديهم ، ويقال : المبلس : الحزين المتحيّر الساكت المنقطع الحجّة ؛ انتهى ۲ .
قوله عليه السلام فيه : (فجاءهم بنُسخَةِ ما في الصحفِ الاُولى ، وتصديقِ الذي بين يديه ، وتفصيلِ الحلالِ من رَيْبِ الحرامِ) .
الخطاب في الأوّل بقوله عليه السلام : «أيّها الناس إنّ اللّه تبارك وتعالى أرسل إليكم الرسول» إلى آخره ، بمعنى : أرسل إليكم أيّها العرب ، وإن كانت رسالته عامّة ، ويمكن دخول من حضر من غيرهم بالتبعيّة ، أو الإصالة ، أو مطلقا ، وخطابهم بمثله مع وجود المخاطبين وعدمهم وقت الإرسال جائزٌ باعتبارهم واعتبار آبائهم وقت كذا وكذا ، وأنتم على حال كذا وكذا ، إذ فعلت الدنيا بأهلها كذا وكذا ، فجاءهم بنسخة مافي الصحف الاُولى ، أي بالقرآن الذي اشتمل على ما في الصحف الاُولى . ويحتمل بعيداً أن يكون «نسخة» مصدرا مضافاً إلى ضميره صلى الله عليه و آله الذي هو فاعل ، وبُعْدُه من جهة قوله عليه السلام : ذلك القرآن .
و«تصديق» معطوف على «نسخة ما في الصحف الاُولى» أي جاءهم بالنسخة وبتصديق الذي بين يديه ، وباعتبار تقدّم ما في الصحف عليه صلى الله عليه و آله ، وعلمه به ، وحضوره لديه ، كان بين يديه ، وجاءهم بتفصيل الحلال من ريب الحرام .
وتفصيله منه بمعنى فصله وتمييزه والتفصيل لتمام إيضاحه وفرق بعضه من بعض بحيث لا يبقى شكّ ولا شبهة ؛ أو أنّه أتى بالتفصيل دون الفصل ليدلّ على فصل الحلال من الحرام مع تفصيله في نفسه ، وذكر «مِن» يدلّ على ارادة الفصل من التفصيل . وأصل الريب الشكّ والشبهة .
وكأنّ المراد هنا ـ واللّه أعلم ـ أنّه ميّز الحلال مما فيه شكّ الحرام وشبهته ، فالحرام الصرف بطريق أولى ، أو يقال : إنّه كما دلّ التفصيل في الحلال على الفصل مع التفصيل في نفسه ، دلّ الريب على أنّه لم يبق في الحرام أيضاً ما فيه شكّ أو شبهة ؛ أو بمعنى الحرام الذي هو الريب أو محلّ لأن يرتاب فيه ، لا بمعنى كونه يرتاب فيه هل هو حرام أو غير حرام؟ وعلى كون المراد به الحرام الذي هو نفس الريب كأنّ معناه غير أصل معنى الريب ؛ واللّه أعلم .

1.في «ألف ، ب»: «من» .

2.تفسير غريب القرآن ، ص ۳۰۰ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
470

۰.يَجتازُ دونَهم طيبُ العيش ورَفاهِيَةُ خُفوضِ الدنيا ؛ لا يَرجونَ من اللّه ثوابا ، ولا يَخافونَ

قوله عليه السلام فيه : (يَختارُ۱دونَهم طيبُ العَيْشِ ورَفاهِيةُ خُفوضِ الدنيا) .
يحتمل هذا الكلام وجهين :
أحدهما : أن يكون استينافاً ، كأنّه قيل : لأيّ شيء يفعلون ذلك ؟ فاُجيب بأنّهم يفعلونه لاختيار طيب العيش دونهم ، ومن يقصد إلى اختيار طيب العيش دون أولاده فقد تجاوز الحدّ في القساوة وعدم كونه من قسم البشر ، بل من قسم الحيوان ، فإنّ الطباع الحيوانيّة ـ فضلاً عن البشريّة ـ لا تختار طيب العيش دون أولادها ، بل ربما اختارت طيب عيش أولادها دونها .
وضمير «دونهم» يرجع إلى الأولاد ، وإن كان هنا اختيار العيش دون النبات فقط ، ومقتضى السياق «يختار دونهنّ» ووجهه التنبيه على أنّه لا فرق بين الذكور والإناث في عدم اختيار طيب العيش دونهم ، فإنّهم كلّهم أولاد . الثاني : أن يكون استفهاماً إنكاريّاً ، والمعنى : أنّ مثل الأولاد يختار دونهم طيب العيش ، وهذا لا يفعله ذو عقل ، فلا ينبغي أن يختار دونهم .
ويقال : هو في رفاهية من العيش ، أي سعة . والخفض : الدعة ، وعيش خافض ، أي واسع ۲ . و«خُفوض» ـ بالضم ـ يحتمل أن يكون مصدراً أو اسمه ، ويحتمل أن يكون بالفتح بمعنى فاعل ، والإضافة وصفيّة .

1.في الكافي ، المطبوع : «يجتاز» .

2.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۰۷۳ (خفض) .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 108007
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي