533
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
532

۱۲.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبداللّه ، عن آبائه عليهم السلام، قال : «قالَ أميرالمؤمنين عليه السلام : السنّةُ سُنَّتانِ : سنَّةٌ في فريضةٍ ، الأخْذُ بها هُدًى ، وتَرْكُها ضَلالَةٌ ؛ وسنّةٌ في غير فريضةٍ ، الأخْذُ بها فضيلَةٌ ، وتَرْكُها إلى غير خطيئةٍ» .
تمّ كتاب فضلِ العلم ، والحمدُ للّه ربِّ العالمينَ ، وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين .

قوله عليه السلام في حديث السكوني : (السنّةُ سنّتانِ : سنّةٌ في فريضةٍ الأخذُ بها هُدًى وتركُها ضَلالةٌ ، وسنّةٌ في غير فريضةٍ الأخذُ بها فضيلَةٌ وتركُها إلى غير خطيئةٍ) .
يحتمل أن يكون المراد ـ واللّه أعلم ـ بالسنّة المنقسمة إلى السنّتين ما كان مناطه السنّةَ ، سواء كان واجباً أم مستحبّاً أم غيرهما ، وهي تنقسم إلى ما هو فرض ـ أي واجب ، سواء كان من القرآن ظاهراً أم لا ـ وإلى ما هو سنّة بالمعنى الأخصّ ، أي مستحبّ ، وهذا مَن فَعَلَه حَصَلَ به فضلاً وثواباً ، ومَن تَرَكَه لم ينته به تركه إلى أن يكون ذا خطيئة يُعاقب بها ، بخلاف الأوّل ، فإنّ من أخذ به كانَ على هُدًى ومُثاباً ، ومَن تَركَه كانَ ضالاًّ آثماً ، وقد عُلم الحرام مِن تَرْك الواجب ، فيمكن إدخال جميع أفراده ؛ من حيث إنّ ترك كلّ واجبٍ حرامٌ ، وترك كلّ محرّم واجب .
وأمّا المكروه ، فهو داخل أيضاً على تقدير أن يكون ترك كلّ مكروهٍ مستحبّاً ، وقد يستأنس له بهذا .
وبقي المباح ، فيمكن إدخاله تحت قوله عليه السلام : «وسنّة في غير فريضة الأخذ
بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة» بنوع من التوجيه ، وهو أنّ من يفعل المباح أو يتركه ، إمّا أن يلاحظ مع الفعل أو الترك كون ارتكاب أحدهما لكون الشارع أباحَهُ ؛ فالأخذ به فضيلة ؛ وإمّا أن لا يلاحظ ذلك ، بل يفعل أو يترك مجرّداً عن القصد ؛ وهذا لا خطيئة عليه . وما كأنّ من أحكام الوضع ونحوها يمكن إدخاله بنحو هذا التقريب .
وكأنّ المباح وما بعده غير مرادين هنا ، بل يحتمل إرادة الواجب والمندوب فقط وان ذكر ما يدلّ على تحريم ترك الواجب وحكم غيرهما ، أو غيرها ۱ يعلم من غير هذا المقام إذ لا دليل على الحصر أو إرادته ؛ فتأمّل .
ولفظ «الترك» في قوله عليه السلام : «وتركها ضلالة» قد يشعر بالترك استحلالاً أو تهاوناً . والأوّل ظاهر في الضلالة ، والثاني قد يؤول إليها .
ولو حمل على ما يعمّ غير ذلك ، أمكن حمل الضلالة على ما هو أعمّ .
ومعنى «سنّة في فريضة» و«سنّة في غير فريضة» أنّ السنّة الاُولى محلّها الفرض الواجب ، والثانية محلّها غيره ؛ واللّه تعالى أعلم بمقاصد أوليائه ، والمسؤول من عفوه وكرمه العامّ حُسن الخاتمة والختام .
تمّ بعون اللّه تعالى وتوفيقه مع تشويش الفكر والبدن الجزءُ الأوّل من الكتاب الموسوم بـ «الدرّ المنظوم من كلام المعصوم» على يد مؤلّفه أقلّ العباد «عليّ بن محمّد بن الحسن بن زين الدين العاملي» عفا اللّه عن زلاّته ، وحَشَرَه تحت لواء أئمّته وساداته ، وسامَحَه ممّا زلّت به القدم ، وطغى فيه الفكر وأورث الندم ، ووفّقه لإكماله بمحمّد صلى الله عليه و آله ، في آخر شهر ذي الحجّة الحرام من شهور سنة إحدى وستّين
بعد الألف من الهجرة ، ويتلوه بعون اللّه تعالى وتوفيقه ومشيّته في أوّل الجزء الثاني كتاب التوحيد ؛ والصفح ممّن ظهرت له عثرة أو زلّة مأمولٌ ، والدعاء ممّن نظر فيه مسؤول ، والحمد للّه وحده ، وصلواته على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين .

1.في «ج» : «غيرهما» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 88912
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي