في حديث عليّ بن عُقْبَة ۱
(قيل : وكيف عَرَّفَك نفسَه) .
يحتمل أن يكون السائل سأله عن أنّ المعرفة التي حصلت له كيف هي؟ فأجابه عليه السلام بأنّه (لاتُشبِهُه۲صورةٌ ، ولايُحَسُّ بالحواسّ ...) ؛ أو أنّه سأله عن التعريف كيف هو؟ أهو كتعريف بعضنا بعضا الأشياءَ بأن يُرِيَه ذلك الشيءَ ، أو يأمره بمسّه ، أو يسمعه الصوت ، أو يقيسه له؟ فأجابه عليه السلام بنفي جميع هذه الأشياء عنه ، وأنّ تعليمه ليس كتعليم بعضنا بعضا .
قوله عليه السلام : (قَريبٌ في بُعْدِه ، بَعيدٌ في قُربِه) .
لا ۳ وصفه بالقرب والبعد المتضادّين ، علم أنّ قربه وبعده ليس كقربنا وبعدنا ، فمعنى قوله : «قريب في بُعْده» أنّه مع بُعْده تعالى وتنزّهه عن مشابهة الأشياء ، عِلْمُه شاملٌ لها لايعزب عنه شيء . ومعنى قوله : «بعيدٌ في قربه» أنّه مع علمه بجميع الأشياء وإحاطته بها بعيدٌ عن وصول الأشياء إلى كنهه وعلمها به .
وهكذا قوله عليه السلام (فوقَ كلِّ شيءٍ ، ولايقالُ : شيءٌ فوقَه) يدلّ على أنّ صفته ليست
كصفتنا ، بل المراد به استيلاء قدرته وإحاطة علمه جميع ۴ الأشياء بحيث لايخرج شيء منها ؛ لأنّ الأشياء كلُّ شيء منها فوقه شيء إلى أن تنتهي إلى آخرها ، فالذي فوق التحتاني تحت الفوقاني ؛ تعالى اللّه عمّا يقولون علوّا كبيرا ؛ فليتأمّل .
وهكذا قوله : (أمامَ كلِّ شيءٍ ...) .
1.الكافي ، ج۱ ، ص۸۶ ، ح۲ .
2.هكذا في المحاسن ، ص۲۳۹ ، باب جوامع من التوحيد من كتاب مصابيح الظلم ، ح۲۱۷ والتوحيد ، ص۲۸۵ ، باب أنّه عزّوجلّ لايُعرف إلاّ به ، ح۲ . وفي الكافي ، المطبوع : «لايشبهه» .
3.كذا ، والصحيح : «لمّا» .
4.كذا ، والأولى : «بجميع» .