561
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

في حديث محمّد بن سماعة ۱

(قال له : يا يهوديُّ ، إنّما يُقالُ : «متى كانَ» لمن لم يكن ، فكان متى كانَ فهو۲كائن بلا كينونةٍ۳كائنٍ ، كانَ بلا كيفٍ يكونُ . بلى يا يهوديّ ، ثمّ بلى يا يهوديّ ، ثمّ بلى يا يهوديّ۴) .
يحتمل كون «متى كان» الثانية زائدة من النسّاخ ، وعلى تقدير كونها غير زائدة فالمعنى ـ واللّه أعلم ـ : متى قلنا بوجوده فهو كائن موجود قبل كينونة كائن ، أي وجود شيء من الموجودات ؛ لأنّه علّة لها ، فهو سابق عليها ، فكان ولم يكن ، فكيف يوصف بها؟!
ثمّ أخبر عليه السلام بطريق الجزم و قال : «كان بلا كيف يكون» ، أي بلا كيفيّة من الكيفيّات الممكنة ، وأكّده بقوله «بلى يا يهوديّ» .
وإنّما قال : «بلا كيف يكون» ، أي بلا كيفيّة حادثة ، وإلاّ فللّه تعالى كيفيّة قديمة خاصّة به ، كما دَلَّ عليه الحديث المتقدّم ، وهو قوله عليه السلام : «ولكن لابدّ من إثبات أنّ له كيفيّة لا يستحقّها غيره ، ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره» . ۵
ثمّ أكّد عليه السلام الجواب والتبيين : (فكيف۶كيفَ يكونُ له قَبْلٌ ...) .
أي إنّما يُسأل بهذا السؤال عمّن كان مسبوقا بشيء ، وهو تعالى كان قبل القبل الموصوف بكونه لا غاية ولا منتهى غاية ، وغاية الشيء ابتداؤه وانتهاؤه ، والعدم لايكون غاية ؛ لأنّها أمر وجودي .
فقوله : (قَبْلَ القبلِ بلا غايةٍ) أي قبل قبلٍ موصوفٍ بأنّه لا غاية لذلك القبل ، وذلك كأوّل شيء خلقه اللّه ، فإنّه قبلٌ بالنسبة إلى ما بعده ، وهو بلا غاية أيضا ؛ لأنّ المفروض أنّه أوّل خلق ، فليس قبله شيء ينتهي هو إليه ، فصدق عليه أنّه قبلٌ بلا غاية .
قوله عليه السلام : (ولا منتهى غايةٍ ، ولا غايةَ إليها) أي وقبل قبلٍ له غاية ، لكن ليس لغايته منتهى ، أي شيء تنتهي تلك الغاية إليه ، «ولا غاية إليها» ، أي وليس شيء ينتهي إلى تلك الغاية.
والحاصل أنّه كان قبل قبلٍ له غاية موصوفةٌ تلك الغاية بأنّها لا تنتهي إلى شيء ولا ينتهي إليها شيء ، ولا يلزم كونها غير متناهية ؛ لأنّ المراد بالشيء الذي ينتهي إليها ۷ الموجودُ وهو ينتهي إلى العدم ، فتكون ۸ متناهية ، وهذه العبارة دالّة على أنّه كان قبل جميع الأشياء ؛ لأنّها إمّا أن تكون أوّل خَلْق خَلَق أو ما عداه ، والأوّل يدلّ على الأوّل ، والثاني يشمل الثاني .
وقوله عليه السلام : (انْقَطَعَتِ الغاياتُ [عنده] ...) كلامٌ مستأنف ؛ واللّه أعلم .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۹۰ ، ح۶ .

2.في الكافي المطبوع : «هو» .

3.هكذا في بعض نسخ الكافي و التوحيد ، للصدوق ، ص ۱۷۵ ، باب نفى المكان والزمان ، ح۶ . وتذكير الصفة باعتبار كون «كينونيّة» مصدرا جعليّا . وفي الكافي المطبوع وكثير من نسخه : «كينونيّة» .

4.في الكافي المطبوع : - «ثمّ بلى يا يهودي» الأخير .

5.الكافي ، ج۱ ، ص۸۵ ، باب إطلاق القول بأنّه شيء ، ح۶.

6.في الكافي المطبوع : - «فكيف» .

7.أي إلى الغاية . ولفظ «الموجود» خبر «أنّ» لا فاعل «ينتهي» .

8.أي الغايات .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
560

في حديث [أحمد بن] محمّد بن خالد ۱

قوله عليه السلام : (هو قَبْلَ القَبْلِ بلا قَبْلٍ) أي قبلٍ موصوفٍ بكونه لا قبل قبله .
وقوله عليه السلام : (ولا غايةٍ ولا منتهىً) .
كلامٌ مستأنف محذوف الخبر ، تقديره «له» أو «لغايته» . يدلّ على ذلك الحديثُ الذي بعده بلا فاصلة .
في حديث [أحمد بن] محمّد بن خالد ، قول رأس الجالوت : (فهذا۲أعْلَمُ ممّا يُقالُ فيه) . أي علمه أكثر ممّا يقال فيه من العلم ، فكأنّه جرّد منه عليه السلام عالما عظيما حالاًّ فيه ، ثمّ أخبر بأنّ هذا أعلم من ذلك العالم الذي مَلَأ الخافقين علمُه .

في حديث أبيالحسن الموصلي ۳

قوله عليه السلام : (كانَ رَبّي قبلَ القبلِ بلا قَبْلٍ ، وبَعْدَ البعدٍ بلا بَعْدٍ) .
المعنى ـ واللّه أعلم ـ : ويكون بعد البعدِ الموصوفِ بكونه لا بعد بعده ، وإنّما لم يأت بالعامل ۴ وجعله معطوفا على «قبل» ليكون العامل فيه «كان» ؛ لأنّه لمّا كان كونه تعالى بعد ذلك أمرا ثابتا محقّقا كانَ بمنزله الكائن ، فلهذا أخبر عنه بالفعل الماضي ، ومثله كثير في القرآن وكلام العرب ، كقوله تعالى : «فَاعْتَرَفُواْ بِذَمنبِهِمْ فَسُحْقًا لاِّصْحَـابِ السَّعِيرِ » .۵

1.الكافي ، ج۱ ، ص۸۹ ، ح۴ .

2.في الكافي المطبوع : «فهو» .

3.الكافي ، ج۱ ، ص۸۹ ـ ۹۰ ، ح۵ .

4.المراد به قوله : «يكون» .

5.الملك (۶۷) : ۱۱.

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 92468
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي