في حديث الحسين بن مَيّاح ۱
(مَن نظَر في اللّه ِ كيفَ هو ، فقد كَفَرَ۲) .
يحتمل كون جملة «اللّه كيف هو» مقول قول محذوف مجرور ب «في» ، أي من طلب الإستدلال في مفهوم هذا القول ـ أعني كيفيّة اللّه ـ فقد كفر . وذلك بأنّه إمّا أن يصدق بأنّ له كيفيّة من الكيفيّات المخلوقة ، ثمّ يستدلّ بأنّها أيّ شيء هي ، وهذا كفر صريح ؛ أو يطلب الاستدلال للعلم بكيفيّته المخصوصة به التي لا تتجاوزه إلى شيء من المخلوقات ، ولا يدركها أحد غيره تعالى ، وهذا أيضا كفر ؛ لأنّ الأخبار ونصّ الكتاب قد تظافرا بعدم إدراكها والعلم بها ، وأنّها لا يعلمها غيره تعالى .
ويحتمل أن يكون المجرور عامّا مقدّرا ، تقديره «في أمر اللّه » أو «في شأن اللّه » فيكون «كيف هو» تفسيرا لذلك المقدّر ، ليكون المراد بالنظر المنهيّ عنه النظرَ في الكيفيّة ، لا مطلقَ النظر الشامل النظر في إثباته وتنزيهه عمّا لا يليق به .
في حديث محمّد بن [أبي] عبداللّه ۳
(فهذه الشمسُ [خَلْقٌ من خَلْقِ اللّه ِ]
هذا الحديث يفسّره الحديث الذي قبله ، وذلك أنّ عِظَم الخَلْق يدلُّ على أعظميّة الخالق ، ومثّل عليه السلام بالشمس ؛ لأنّها لا يمكن إدراكها بهذه الحاسّة مع أنّها مخلوقة ، فكيف يطلب صاحب هذه الحاسّة إدراك خالقها .
باب في إبطال الرؤية
في حديث أحمد بن إسحاق ۴
قوله : عليه السلام : (لا تَجوزُ الرؤيةُ ما لم يَكُنْ بين الرائي والمرئيّ [هواء ينفذه البصر] ...) .
المعنى ـ واللّه أعلم ـ : لا يجوز رؤية الرائي المرئيَّ ما لم يكن بينهما هواء موصوف بكونه «ينفذه البصر» أي هواء صرفا غير منسوب بشيء من الأجسام المانعة من نفاذ البصر ، فإذا انقطع الهواء الموصوف بهذه الصفة بين الرائي والمرئيّ امتنعت الرؤية ، وإن اتّصل لزم منه مشابهة الرائي المرئيَّ ؛ لأنّ الرائي متى ساوى المرئيَّ في السبب الموجب للرؤية بينهما ـ وهو اتّصال الهواء بهما وكونُهما نهايتي جسم واحتياجُهما إلى مكان ، إلى غير ذلك ممّا يمكن تصوّره من المشابهة بينهما ـ وجب الاشتباه ، فكان القول بالرؤية هو القولَ بالتشبيه .
فإن قيل : لزم من قولكم : «إنّه لابدّ من أن يكون بين الرائي والمرئيّ هواء ينفذه البصر» أن يكون الهواء متّصلاً بهما ، فما الدليل عليه ؟ .
قلنا : الأسباب لابدّ من اتّصالها بالمسبّبات ، والهوى سبب والرؤية مسبّبة ، وهي معنى حالّة ۵ بالرائي والمرئيّ ولابدّو أن يكون الهواء متّصلاً بالرائي والمرئيّ ؛ لأنّهما محلّ العرض وقوامه بها ، فلا يجوز مفارقته إيّاهما ، فلزم من اتّصاله به اتّصاله بهما .
1.الكافي ، ج۱ ، ص۹۳ ، ح۵ .
2.في الكافي المطبوع : «هلك» بدل «فقد كفر» .
3.الكافي ، ج۱ ، ص۹۳ ، ح۸ .
4.الكافي ، ج۱ ، ص۹۷ ، ح۴ .
5.كذا ، والصحيح : «حالٌّ» .