575
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

باب الإرادة أنّها من صفات الفعل وسائر صفات الفعل

في حديث عاصم بن حُمَيد ۱

قوله عليه السلام : (إنَّ المُريدَ لا يكونُ إلاّ لمُرادٍ معه) .
لمّا سأل عن الإرادة هل هي قديمة حتّى تكون من صفات الذات ؟ أجاب عليه السلام بأنّ المريد لا يكون إلاّ لمراد معه ، فالإرادة والمراد متلازمان ، والمراد حادث ؛ لأنّ اللّه كان ولا شيء حتّى يكون مرادا ، إنّما الإرادة نفس الفعل ، كما يدلّ عليه الحديث الآتي ؛ فهي فرع القدرة .
وقد نَبَّهَ عليه السلام على ذلك بقوله : (لم يزل۲عالِما قادِرا ، ثمّ أرادَ) ، أي هو لم يزل عالما ولم يزل قادرا ثمّ أراد ، أي العلم والقدرة قديمان ، والإرادة حادثة ؛ لدلالة «ثمّ» على التراخي اللازمِ منه الحدوثُ .

في حديث بُكير بن أعْيَن ۳

قول السائل : ( [عِلْمُ اللّه ِ ومَشيئتُه هما] مختلفانِ أو متّفِقانِ) .
أي المشيئة قديمة فتكون عينَ الذات أو حادثة ؛ لأنّ اتّفاق العلم والمشيئة لازم للقدم ، فهما مختلفان ؛ لئلاّ يلزم تعدّد القدماء ، والاختلاف يدلّ على كون المشيئة حادثة ؛ لثبوت قدم العلم .
قوله عليه السلام : (فقَولُك : «إنْ شاءَ اللّه ُ» دليلٌ على أنّه لم يَشَأْ) .
أي صحّة هذا القول يدلّ على أنّه لم يشأ الآنَ ؛ لأنّ مُفاد الشرط عدم تحقّقه وقتَ التكلّم ، فتكون المشيئة حادثةً بعده ، فعلم أنّها غير العلم ؛ لقدمه ، فليست عينَ الذات ، بل معلولة القدرة ، فعلم موافقة الجواب السؤالَ .
وقوله عليه السلام : (وعِلْمُ اللّه ِ السابِقُ للمشيئة) .
أي العلم القديم السابق عليها ثابتٌ لها ، أي كان اللّه تعالى عالما بأنّه يشاء فيفعل ، ولا يلزم من كونها لها ۴ أن لا يكون ۵ لغيرها . ويمكن أن يكون مختصّا لها ؛ وذلك لأنّ العلم متعلّق بالمعلومات ، والمعلومات كلّها حادثة بإرادته ومشيئته ؛ فهي متسبّبة عن المشيئة لا تنفكّ عنها ، فيكون العلم للمشيّة ومخصوصا بها ؛ لأنّه إذا شاء فعل .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۰۹ ، ح۱ .

2.في الكافي المطبوع : + «اللّه » .

3.الكافي ، ج۱ ، ص۱۰۹ ، ح۲ .

4.كذا ، والظاهر بقرينة ما مرّو يأتي : «كونه لها» أي كون العلم للمشيئة .

5.أي لا يكون العلم لغير المشيئة .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
574

حديث هِشام بن الحَكَم ۱

قد تقدّم هذا الحديث في باب : إطلاق القول بأنّه شيء ، وإنّما ذكر بعضه لمناسبته لأحاديث هذا الباب بتغيير ما في العبارة ، وهو أنّ هناك : «فأقول : إنّه سميع بكلّه ، لا أنّ الكلّ منه له بعض ، ولكنّي أردت ...» . ۲
فقوله هنا : (لا أنّ كلَّه له بعضٌ ؛ لأنَّ الكلَّ لنا بعضٌ۳) . المراد ـ واللّه أعلم ـ سلب الكلّيّة والجزئيّة الثابتة لنا عنه مطلقا ، لا سلبها عنه بهذا الدليل الخاصّ ، وهو كون الكلّ لنا بعضا ؛ لأنّ اللازم من ذلك التشبيهُ ؛ وهو باطل . ومعنى «كون الكلّ لنا بعضا» هو أنّها أبعاضا خالفه ۴ ، وإنّما أفرده باعتبار الجنس ؛ واللّه أعلم .
وقوله عليه السلام : (وَ لا اختلافِ المعنى۵) .
الظاهر كون المراد بأنّه سميع وبصير وخبير أنّه عالم بالمسموعات والمبصرات والمخبرات ليرجع الجميع إلى معنى العلم ؛ واللّه أعلم .

1.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۰۸ ، ح ۲ .

2.الكافي ، ج۱ ، ص۸۳ ، باب إطلاق القول بأنّه شيء ، ح۶ .

3.كذا في كثير من نسخ الكافي ، وفي بعض النسخ : «لأنّ الكلّ لنا له بعضٌ» وهذا هو الصحيح ؛ لأنّ الكلّ ليس بعضا ، كما هو ظاهر العبارة .

4.والصحيح أن يقال : «هو أنّ له ـ أي للكلّ ـ أبعاضا خالفته» .

5.في الكافي المطبوع : «معنىً» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 88906
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي