587
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

في حديث [ابن] أبي يعفور ۱

قوله عليه السلام : (فليس۲شيءٌ إلاّ يبيدُ۳أو يتغيّر ...) .
أي كلّ شيء لابدّ أن يطرأ عليه شيء من هذه الأشياء ، وهي الزوال ، أو تغيّر جوهره ، أو الزوال والتغيّر معا ، أو تغيّر عوارضه كاللون والهيئة التركيبيّة والصفات ، أو تغيّر كمّيّته كالزيادة والنقصان ، إلاّ ربّ العالمين ، فإنّه بحالة واحدة ، (هو الأوَّلُ قبلَ كلِّ شيءٍ ، وهو الآخِرُ على ما لم يَزَلْ) ، أي على الحال الذي لم يطرأ عليه الزوال ، وهو الحال الذي كان عليه أوّلاً ، ولا تختلف عليه الصفات بتغيّر عوارضه ، ولا الأسماء بتغيّر جوهره كما تختلف على غيره من المخلوقات حتّى يكون أوّله غير آخِره
كالإنسان ، فإنّه كان في الأوّل ترابا ثمّ صار لحما ودما ، والأوّل الذي هوالتراب غير الآخِر الذي هو اللحم والدم ، ثمّ يصير رفاتا ورميما ، والأوّل الذي هو اللحم والدم غير الرفات والرميم ، وكذا غيره ، فإنّ البَلَحُ ۴ غير البسر ، والبسرَ غير الرطب ، والرطبَ غير التمر ، فالأسماء لمّا كانت تتبدّل بتبدّل الصفات على ما عدى اللّه ُ ، كان أوّله غير آخِره ، واللّه تعالى منزّه عن ذلك ، فأوّله عين آخره بخلاف غيره ، وآخره عين أوّله كذلك .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۱۵ ، ح۵ .

2.في الكافي المطبوع : «إنّه ليس» .

3.كذا في الكافي المطبوع ، وفي بعض نسخ الكافي : «إلاّ أن يبيدَ» .

4.البَلَحُ قبل البُسر ؛ لأنّ أوّل التمر طَلْعٌ ، ثمّ خَلالٌ ، ثمّ بَلَحٌ ، ثمّ بُسرٌ ، ثمّ رُطَبٌ ، ثمّ تَمْرٌ . الصحاح ، ج۱ ، ص ۳۵۶ (بلح) .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
586

باب معاني الأسماء واشتقاقاتها ۱

في حديث هشام بن الحكم ۲

قوله عليه السلام : (وإلهٌ يَقْتَضي مَألوها) .
أي مسمّى «إله» يقتضي مألوها ، لا لفظه ؛ وذلك لأنّه لو كان المقتضي هو اللفظ وحده ، لكان هو المعبودَ ، واعتقاده كُفْرٌ ، أو مع المسمّى لكانا معا ، وهو شِرْكٌ .
وإليه أشار عليه السلام بقوله : (فَمَنْ عَبَدَ الاسمَ دونَ المعنى فقد كَفَرَ ولم يَعْبُدْ شيئا) ، أي في الحقيقة لم يكن عابدا لشيء ؛ (ومَنْ عَبَدَ الاسمَ والمعنى فقد أشْرَكَ وعَبَدَ اثْنَيْنِ) .
فقوله : «وعبد اثنين» عطفُ تفسيرٍ ل «أشرك» .
(ومَنْ عَبَدَ المعنى دونَ الاسمِ) أي اعتقد أنّ الاسم مخلوق من مخلوقاته ، (فذلك۳التوحيدُ) .
قوله عليه السلام : ([للّه ] تسعةٌ وتسعونَ اسما ...) .
الحاصل : أنّ المعبود هو اللّه وحده ، ولا مدخليّة للاسم ، وإلاّ لزم تعدّد الآلهة ؛ لأنّ الأسماء كثيرة .
قوله عليه السلام : (لكانَ لكلِّ اسمٍ إلهٌ) . ۴
أي لوكان الاسم عين المسمّى ، لزم أن يكون لكلّ اسم إله ، أي مسمّى هو إله ؛ لأنّه لا معنى لكون الحروف معبودة ، ولأنّ مفهوم الاسم يقتضي مسمّى ، فالإله هو
المسمّى ، والاسم ثابت له ، وكون الأسماء كلّ منها غير الآخر ظاهر ، فلزم أن يكون مسمّاها غيره ، لئلاّ يلزم كون نفس الشيء غير الشيء ، فلزم من كون الاسم عين المسمّى تعدّد الآلهة ، ولا إله إلاّ اللّه .
إذا تحقّق هذا فاللّه معنى غير الأسماء يُدَلُّ عليه بها ، وإليه أشار عليه السلام بقوله : (ولكنَّ اللّه َ معنىً ...) .
وهذا الحديث تقدّم في باب المعبود ۵ ، وفيه «لكان كلّ اسم منها إلها» ، ومآلهما واحد ؛ لأنّ معنى قولنا «كان لكلّ اسم إله» : كان لكلّ اسم مسمّى ، وإذا كان الاسم عين المسمّى كان هو نفس الإله ، فلا فرق بين العبارتين .
ثمّ أوضح عليه السلام كون الاسم غير المسمّى ، فقال : (يا هشامُ ، الخُبْزُ اسمٌ للمأكولِ ...) أي كما أنّ الخبز اسم للمأكول وليس هو المأكولَ وكذا ما أشبهه ، فكذلك أسماء اللّه أسماء للخالق المعبود ، وليست هي الخالقَ المعبود .

1.في الكافي المطبوع وكثير من نسخه : «اشتقاقها» .

2.الكافي ، ج۱ ، ص۱۱۴ ، ح۲ .

3.في الكافي المطبوع : «فذاك» .

4.في الكافي المطبوع : «لكان كلّ اسم منها إلها» .

5.الكافي ، ج۱ ، ص۸۷ ، باب المعبود ، ح۲ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 88916
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي