603
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
602

باب تأويل الصمد

في حديث داود بن القاسم الجعفري ۱

قوله عليه السلام : (السيّدُ المصمودُ إليه) .
أي المقصود إليه . و«قصد» يتعدّى بنفسه وباللام و ب «إلى» .

في حديث جابر بن يزيد ۲

(إنَّ اللّه َ تَبارَكَتْ أسماؤه ...) .
تبارك اللّه : تقدّس وتنزّه ، صفةٌ خاصّةٌ باللّه . وتقدّس : تطهّر .كذا في القاموس ۳ ، أي إنّ أسماء اللّه تعالى التي خلقها للدعاء بها تنزّهت عن أن تشبه أسماء المخلوقين ، وتتّفق معها في المعنى . (وتَعالى هو في عُلُوِّ كُنْهِه) أي في كنهه الذي لا تدركه الأوهام ؛ لعلوّه وتنزّهه عن وصولها إليه ، فالمعطوف عليها ۴ إمّا أن يكون خبرَ «إنّ» ويكونَ قوله : «واحد توحّد» خبرا بعد خبر ، أو تمجيدا لَهُ تعالى والخبر «واحد» .
قوله عليه السلام : (واحِدٌ تَوَحَّدَ ...) .
أي إنّه توحّد في توحّده بالتوحيد ، أي باعتقاد أنّه واحد من جميع الجهات .
فقوله : «في توحّده» متعلّق ب «توحّد» ، و«بالتوحيد» متعلّق ب «توحّده» .
وفي بعض النسخ : «في توحيده» ، فالمعنى : توحّد في توحيده الموحّدون بالتوحيد ، أو بالإقرار بأنّه واحد .
(ثمّ أجْراهُ على خَلْقِه) .
أي ثمّ جعل الواحد من أسمائه وأجراه على خلقه . وإنّما أتى ب «ثمّ» للدلالة
على قدم الاتّصاف وحدوث الاسم .
(فهو واحِدٌ صَمَدٌ) .
أي إذ قد علمت أنّ تسميته نفسه حادثة ، فهو تعالى في الأزل واحدٌ ، صمدٌ ، قدّوسٌ .
ثمّ أشار عليه السلام إلى وجه التسمية بالقدّوس والصمد ، فقال : (يَعبُدُهُ كلُّ شيء) .
هذا بيان للقدّوس ، أي يقرّ له بالعبوديّة وأنّه الخالق المنزّه عمّا لا يليق به ، فالتقديس الذي هو التنزيه لازمٌ للعبادة لم تتحقّق بدونه .
(ويصمد إليه) ، أي يقصد ويتقرّب إليه (كلّ شيء) .
ففي ذكر الصمد والقدّوس وبيانهما لفّ ونشر لا يخفى .
ويحتمل أن يكون «يعبده ...» بيانا للصمد فقط ؛ لأنّ المصمود : المقصود ، وقصده تعالى لا يكون إلاّ بالعبادة ، فيكون «ويصمد إليه» عطفَ بيان ل «يعبده» .
وقوله عليه السلام : (وَسِعَ كُلَّ شيءٍ عِلْما) تمجيدٌ ، وفيه إشارة إلى أنّه تعالى هو المستحقّ لأن يُقصد ويُعبد ، لا غيره .
وقوله : (فهذا هو المعنَى الصحيحُ ...) .
الإشارة إمّا إلى «أن يصمد إليه» أو إلى الجميع ؛ على الاحتمالين .
قول المصنّف رحمه اللّه : (فأمّا ماجاء في الأخبارِ مِنْ ذلك ، فالعالِمُ عليه السلام أعْلَمُ بما قالَ) .
الظاهر أنّ مراده أنّه ورد في الأخبار أنّ الصمد بمعنى المصمت وبمعنى المصمود إليه ، وأهل اللغة نقلوا أنّ المصمود : المقصود ، فكلامه عليه السلام دليل على أنّه يأتي بمعنى المصمت وبالمعنى الذي نقله أهل اللغة ؛ وذلك لأنّه عليه السلام قال : «إنّ الصمد هو السيّد المصمود إليه» ، فقرينة تعديته ب «إلى» ، وعدمُ صحّة المعنى على
تقدير تأويله بغير المقصود يدلُّ ۵ على كون المصمود إليه بمعنى المقصود إليه .
فإن قيل : يمكن أن يكون المعنى : السيّد المتوجّه إليه أو المشار إليه ، وأمثال ذلك .
قلنا : هما راجعان إلى معنى القصد ؛ لأنّ مع عدمه لا توجّه ولا إشارة .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۲۳ ، ح۱ .

2.الكافي ، ج۱ ، ص۱۲۳ـ ۱۲۴ ، ح۲ .

3.القاموس المحيط ، ج۳ ، ص۲۹۳ (برك) .

4.أي «تباركت أسماؤه» .

5.كذا . والأولى : «تدلّ» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 87513
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي