637
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

في حديث عليّ بن سُوَيْد ۱

قوله عليه السلام : (وكذلك ماكانَ بعدَه من الأوصياء بالمكانِ الرفيعِ) .
«ما» نكرة موصوفة حذف صفتها وأُقيم صلتها ـ وهو «كان» ـ مُقامَه ، وإنّما أتى
بها نكرة للدلالة على التعظيم ؛ لما فيها من الإبهام ، «ومن» للتبعيض ، والباء للظرفيّة متعلّقة ب «كان» ؛ فليفهم .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۴۵ ، ح۹ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
636

في حديث حَمزة بن بَزيع ۱

قوله عليه السلام : (لكنّه خَلَقَ أولياءَ لنفسِه يأسَفونَ ويَرْضَوْنَ) .
«الأسف» : أشدّ الحزن ، وأسف عليه : غضب ؛ القاموس ۲ .
والمراد ب «يأسفون» هنا ـ واللّه أعلم ـ يغضبون بقرينة «ويرضون» ويمكن أن يكون المعنى يحزنون ويرضون ، أي يصبرون على ما أحزنهم ولا يضجرون .
وعلى الأوّل يكون المراد أنّهم كسائر الخلق في الاتِّصاف بالغضب والرضا إلى غيره من الصفات ، لكنّهم يعصمون أنفسهم عن كلّ ما لا يرضيه ، ولا يفعلون إلاّ ما يرضيه .
قوله عليه السلام : (لكنْ هذا معنى ما قالَ من ذلك) .
أي ليس المراد بأمثال هذا إضافةَ المبارزة والمحاربة ، والطاعة والمتابعة إلى نفسه ـ أي أثرها يصل إلى اللّه كما يصل إلى خلقه ـ بل معناه هو الذي قلناه ، وهو أنّه تعالى «خلق أولياء لنفسه» ، أي شرّفهم واجتباهم على سائر الخلق «يأسفون ويرضون وهم مخلوقون» ، أي والحال أنّهم مخلوقون مُرَبَّون ، أي لهم ربّا ۳ يعبدوه ۴
ويقرّون له بالربوبيّة . «فجعل رضاهم رضا نفسه ...» .
ثمّ أراد عليه السلام أن يذكر بعض ما قاله تبارك وتعالى من أمثال هذا تبيينا وتوضيحا ، فقال : (وقد قال : من أهانَ لي وليّا ...) .
ثمّ ذكر عليه السلام دليلاً على عدم جواز كون إضافة هذه الأشياء إلى نفسه حقيقة ، فقال : (ولو كانَ يَصِلُ إلى اللّه ِ عزَّ وجَلَّ الأسَفُ والضَّجَرُ ...) .
وحاصله : أنّ هذه الصفات متضادّة لا يجوز اتّصاف الشيء بها مرّة واحدة ، فلابدّ وأن يكون المتّصف بأحدها غيرَ متّصف بالآخَر حين اتّصافه به ، فالمتّصف بها متغيّر ، وكل متغيّر لا يمتنع إبادته وزواله ، فلا يبقى فرق بين المكوَّن والمكوِّن ، ولا بين القادر والمقدور ، ولا بين الخالق والمخلوق ، فيلزم كون الخالق مخلوقا ، فيحتاج إلى خالق ، فلا يكون هو الخالقَ للأشياء كلّها ؛ واللّه تبارك وتعالى متعالٍ ومنزّه عن هذا القول ، بل هو الخالق للأشياء كلّها ، فهو منزّه عن التغيّر ، فلا يكون متّصفا بشيء من موجباته .
قوله عليه السلام : (لا لِحاجَةٍ ، فإذا كانَ لا لِحاجَةٍ استَحالَ الحَدُّ والكيفُ فيه ، فَافْهَمْ إنْ شاءَ اللّه ُ) .
أي إنّ خلقه للأشياء ليس لحاجة ؛ لأنّ اللّه سبحانه وتعالى منزّه عن الاحتياج ، فإذا كان اللّه تعالى مستغنيا غيرَ محتاج ، استحال الحدّ والكيف ؛ وذلك لأنّ الحدّ إنّما يكون بجنس الشيء وفصله ، وكلّ ما له جنس وفصل فهو محتاج إليهما لا يتقوّم إلاّ بهما ، فكلّ محدود محتاج ، وهو تعالى منزّه عن الاحتياج ، فلا يكون محدودا ، وكذا الكيف ؛ لأنّ كلّ مكيّف بكيفيّة فهو محتاج إليها .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۴۴ ، ح۶ .

2.القاموس المحيط ، ج۳ ، ص۱۱۷ (أسف) .

3.كذا ، والصحيح : «ربّ» .

4.كذا ، والصحيح : «يعبدونه» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 90607
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي