639
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

في حديث هِشام بن سالم ۱

قوله عليه السلام : (وهل يُمْحى إلاّ ما كانَ [ثابتا] ، وهل يُثْبَتُ إلاّ ما لم يَكُنْ) .
هذا الاستفهام إنكار على من ينكر البداء ، ومعناه أنّ المحو لايكون إلاّ لما كان ، فقد كانَ شيء فمحي وأُثبت غيرُه . وأيضا لا يصدق على شيء أنّه أُثبت إلاّ بعد كونه معدوما وغير مثبت ، فكونه متجدّد ۲ بعد أن لم يكن ، وهو معنى البداء .

في حديث محمّد بن مسلم ۳

(وأنَّ اللّه َ يُقَدِّمُ ما يَشاءُ ويُؤخِّرُ ما يَشاء) .
أي ويأخذ عليه الإقرار بأنّه يقدّم ما يشاء الذي كان قضى عليه التأخير ، ويؤخّر ما يشاء الذي كان قضى عليه التقديم ؛ بقرينة أنّ التقديم لا يكون إلاّ من متأخّر ، والتأخيرَ لا يكون إلاّ من متقدّم .

في حديث حُمْران ۴

(هما أجَلانِ : أجَلٌ مَحتومٌ ، وأجَلٌ موقوفٌ) .
يأتي في حديث الفضل ما حاصله أنّ للّه علمان ۵ : علم مخزون عنده يقدّم منه ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ، وعلم علّمه الملائكة والرسل ، وهو لابدّ من أن يكون ، فالأجل الموقوف
من العلم المختصّ به فهو موقوفٌ على فعل العبد وعلى مصلحته ، يزيد وينقص بإحسانه وإساءته ، وأجلٌ محتومٌ ، وهو الذي علمه المخلوق ، وهو الذي يؤول إليه الأمر من الزيادة والنقصان بالإحسان والإساءة ؛ واللّه أعلم ، وهذا أيضا دليل للبداء .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۴۶ ، ح۲ .

2.كذا ، والصحيح : «متجدّدا» .

3.الكافي ، ج۱ ، ص۱۴۷ ، ح۳ .

4.الكافي ، ج۱ ، ص۱۴۷ ، ح۴ .

5.كذا ، والصحيح : «علمين» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
638

في حديث زُرارة ۱

قوله عليه السلام : (حيثُ يَقولُ) متعلّق ب «خلطنا» .

باب البداء

الذي يفهم من هذه الأحاديث الشريفة أنّ معنى الإقرار بالبداء هو الإقرار بأنّ اللّه سبحانه وتعالى قادرٌ مختارٌ ، لا يمنعه حكمه بشيء ولا إرادته لشيء عن فسخ ذلك الحكم وإرادة غير ما أراد ، وأنّ علمه تعالى كان في الأزل متعلّقا بما يغيّر ويبدّل ، لئلاّ يلزم حدوثه ، ثمّ الإقرار بأنّ ذلك إنّما يكون قبل إمضاء ما قضى لا بعده ؛ لأنّه ليس من صفات الحكيم العالم بعواقب الأُمور المتقِن لما فعل بما فعل ، وإنّما وجب الإقرار بذلك لأنّه لاريب في أنّه تعالى يثيب على الطاعة ، والثوابُ حادث ؛ لحدوث علّته وهي الطاعة ، ويجازي على المعصية وهي أيضا كذلك ، وإلاّ امتنعا أن يكونا سببا لمسبّبيهما ، مثلاً يطيل العمر بصلة الرحم ، فهو سبب لذلك ، ولا تتحقّق الزيادة إلاّ بعد تحقّق النقيصة ، وهو معنى البداء .
ولا منافاة في تعلّق علمه تعالى بهما في الأزل ، وقد حقّق عمّي ـ مدّ اللّه ظلّه ـ هذا المبحثَ في كتابه المسمّى ب «الدرّ المنثور» فمن أراده فعليه الوقوف عليه .

في حديث زرارة بن أعين ۲

قوله عليه السلام : (ما عُبِدَ اللّه ُ بشيءٍ مِثْلِ البَدَاء) .
المعنى ـ واللّه أعلم ـ : ما أقرّ أحد للّه بالعبوديّة وأنّه المعبود على الإطلاق بشيء
مثل البداء ؛ لأنّه إذا أقرّ به يكون عابدا لمتّصف هذه الصفات ، وهو اللّه تعالى ، وإذا أقرّ بغيرها يكون عابدا لمن ليس متّصفا بهما ، فلا يكون عابدا للّه ، وهكذا قوله عليه السلام في الحديث الذي بعده : (ما عُظِّمَ [اللّه ُ] بِمِثْلِ البداء) ؛ لأنّ التعظيم بغير البداء ليس تعظيما في الحقيقة ؛ لأنّ في إنكاره إثبات ۳ للعجز ، وهو مناف للتعظيم ؛ فليتأمّل .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۴۶ ، ح۱۱ .

2.الكافي ، ج۱ ، ص۱۴۶ ، ح۱ .

3.كذا ، والصحيح : «إثباتا» أو «إثباتَ العجز» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 88885
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي