في حديث يونس بن عبدالرحمن ۱
قوله عليه السلام : (نعم ، أوسَعُ ممّا بينَ السماء إلى الأرضِ۲) .
لا شكّ في أنّ كلّ شيء بين الجبر والتفويض الذي هو فعله تعالى لطفٌ ، وألطافه تبارك وتعالى لا تُحصى ، فلهذا كنى عليه السلام عنه بقوله «أوسع ممّا بين السماء إلى الأرض» .
ولا تخفى المناسبة بين السؤال والجواب ؛ لأنّ السائل كنى عنه بالمنزلة وكون الكناية أبلغَ من الصريح ، فلابدّ من كون الجواب به ، ولا ريب في كونه أبلغَ من السؤال ؛ لدلالته على المطلوب وكون ألطافه تعالى لا تحصى ؛ فليتأمّل .
في حديث أحمد بن محمّد بن أبينصر ۳
قوله عليه السلام : (قال اللّه عزّوجلّ ...) .
قد مرّ هذا الكلام الشريف مرويّا عن الرضا عليه السلام أيضا وشَرْحه . ۴
في حديث محمّد بن يحيى ۵
قوله عليه السلام : (مَثَلُ ذلك) أي مَثَل التفويض وعدمه (رجلٌ رأيتَه على معصيةٍ فنهيتَه فلم يَنْتَهِ ، فَتَرَكْتَه ، ففَعَلَ تلك المعصيةَ) ، فلا ريب في أنّك لم تفوّض الأمر إليه ؛ لأنّك نهيته . وأيضا لاريب في أنّك لم تجبره ؛ لأنّ الفرض أنّك تركته ، ولوكنت جبرته كنت منعته وألزمته على عدم الفعل ، (فليس حيثُ لم يَقْبَلْ منك وتركتَه۶كنتَ أنت الذي أمرتَه بالمعصية) ، أي إنّ معصيته كانت بإرادتك ؛ لأنّك لولم تردّها كنت جبرته ، فقد اجتمع
النهي والأمر الذي هو عبارة عن إرادة الفعل ، أعني التخلية بينه وبين فعله ، وهذا لا يسمّى جبرا ولا تفويضا ، فهو الأمر بين أمرين .
وحاصل المعنى ـ واللّه أعلم ـ أنّه لوكان اللّه تعالى فوّض الأمر إلى العباد ، لم يأمرهم ولم ينههم ، ولا ريب في قبح مثل هذا ، فهو غير لائق بجنابه تعالى ؛ لأنّ الترك وعدم النهي عن المنكر مع القدرة في قوّة الأمر بالمنكر .
1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۵۹ ، ح۹ .
2.في الكافي المطبوع : «والأرض» بدل «إلى الأرض» .
3.الكافي ، ج۱ ، ص۱۵۹ ، ح۱۲ .
4.راجع شرح الحديث ۶ من باب المشية والإرادة .
5.الكافي ، ج۱ ، ص۱۶۰ ، ح۱۳ .
6.كذا في بعض نسخ الكافي ، وفي اكثر نسخ الكافي والمطبوع : «فتركته» .