85
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.ينطقُ الإمامُ عن اللّه في الكتاب بما أوجب اللّه فيه على العباد ، من طاعته ، وطاعةِ الإمام

قوله : (يَنطِقُ الإمامُ عن اللّه ِ) ، أي يكون الإمام عليه السلام ناطقاً نُطقاً أخذه عن اللّه ، أي عن وحي وإلهام ونحوه من اللّه لرسُوله صلى الله عليه و آله وقد علمه أمير المؤمنين عليه السلام .
وقد يكون بعضه له عليه السلام ، فنطقه عن اللّه وكذا من بعده ، أو نطقاً كائناً عن أمر اللّه ، أو معبّراً عن اللّه ؛حيث إنّه تعالى منزّه عن ذلك .
قوله : (في الكتابِ) أي يتكلّم في الكتاب (بما أوجَبَ اللّه ُ فيه على العبادِ من طاعةِ اللّه وطاعةِ الإمامِ وولايته) بمعنى أنّه يبيّن لهم ذلك ويوضّحه ، ولو أصغوا له وأنصفوا ، لقبلوا إمامته من الكتاب بعد بيانه لهم وظهور صدقه ، ولكنّ الذين لم يقبلوا عموا وصمّوا .
ولا يبعد أن يكون سقط من هنا شيء ، وأنّ العبارة هكذا : «ينطق الإمام عن اللّه في الكتاب ، وينطق الكتاب بما أوجب اللّه ...» . ويترتّب عليه ما يناسبه من سياق العبارة .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
84

والعبارة تحتمل وجهين :

أحدهُما ـ وهو الأظهر من التصديق ـ : أنّ كلّ واحد منهما يشهد لصاحبه بأنّه ـ أي المشهود له ـ صدّق الشاهد ، فالكتاب يشهد بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام صدّقه وآمن به وعمل بما فيه ، وأمير المؤمنين يشهد بأنّ الكتاب صدّقه واعْتَرَفَ بإمامته ، وأنّه يعلم بكلّ ما فيه ويعمل به . وحاصله : أنّ كلّ واحد شاهد بذلك باعتبار ما تضمّنه الكتاب وما علم من حال أمير المؤمنين عليه السلام .
ويحتمل هذا وجهاً آخر ، وهو أنّ كلّ واحد منهما يشهد بذلك لصاحبه حيث يطلب منه الشهادة .
الثاني : أن يكون المعنى أنّ كلّ واحد ۱ يشهد ۲ لصاحبه بشهادة هي تصديقه فيما ادّعاه ، أي يشهد بأنّه صادق ، كما تقول : شهدتُ له بالتعديل : إذا ادّعى العدالة ، فقلت : أشهد أنّه عدل ، أو هو عدل ؛ فشهادة أمير المؤمنين عليه السلام بصدق الكتاب ظاهرة ، وشهادة الكتاب كآية « إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ »۳ ، و « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ »۴ وغيرهما ممّا هو مذكور في هذا الكتاب في باب ما نصّ اللّه عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة ۵ ، وغيره ممّا نزل في شأنه عليه السلام دالاًّ على إمامته .
أو بمعنى أنّ أمير المؤمنين عليه السلام إذا علم بكلّ ما في القرآن وأخبر عن كلّ ما سئل عنه ـ ولم يظهر في كلامه وإخباره خلل ولا اضطراب ، ولم ينكر عليه عاقل منصف ما بيّن له ـ كان القرآن مصدّقا ۶ له في إمامته ، فإنّ من كان في هذه المرتبة لا يكون غير إمام معصوم بعد النبيّ صلى الله عليه و آله ، فالقرآن مصدّق له في هذه الدعوى .
ومن كلام أمير المؤمنين عليه السلام : «وَاللّه ِ ، لَوْ ثُنِيَتْ لِيَ وَسادَةٌ فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا ، لَأَفْتَيْتُ أَهْلَ التَّوْراةِ بِتَوْراتِهِمْ حَتّى تَنْطِقَ التَّوْراةُ فَتَقُولَ : صَدَقَ عَلِيٌّ ، مَا كَذَبَ ، لَقَدْ أَفْتاكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللّه ُ فِيَّ ؛ وَأَفْتَيْتُ أَهْلَ الاْءِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ حَتّى يَنْطِقَ الاْءِنْجِيلُ فَيَقُولَ : صَدَقَ عَلِيٌّ ، مَا كَذَبَ ، لَقَدْ أَفْتاكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللّه ُ فِيَّ ؛ وَأَفْتَيْتُ أَهْلَ الْقُرْآنِ بِقُرآنِهِمْ حَتّى يَنْطِقَ الْقُرآنُ فَيَقُولَ : صَدَقَ عَلِيٌّ ، مَا كَذَبَ ، لَقَدْ أَفْتَاكُم بِمَا أَنْزَلَ اللّه ُ فِيَّ» . ۷

1.في «ألف» : + «منهما» .

2.في «ألف ، ب» : + «بذلك» .

3.المائدة (۵) : ۵۵ .

4.المائدة (۵) : ۳ .

5.الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۸۶ .

6.في «د» : «صدقا» .

7.الأمالي للصدوق ، ص ۳۴۱ ، المجلس ۵۵ ، ح ۱ ؛ التوحيد ، ۳۰۴ ، باب حديث ذعلب ، ح ۱ ؛ الاختصاص ، ص ۲۳۵ ؛ الاحتجاج ، ج ۱ ، ص ۲۵۸ ؛ روضة الواعظين ، ج ۱ ، ص ۱۱۸ ، مجلس في ذكر فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ؛ إرشاد القلوب ، ص ۳۷۴ ، في مكالمته مع رأس اليهود ؛ تأويل الآيات ، ص۳۳۷ ؛ وفي بحار الأنوار ، ج ۱۰ ، ص ۱۱۸ ، باب ما تفضّل صلوات اللّه عليه به على الناس ، ح ۱ ، عن التوحيد والأمالي .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 109755
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي