۰.وفتحَ بهم عن باطن ينابيع عِلْمه ، وجعلهم مسالكَ لمعرفته ، ومعالمَ لدينه ، وحُجّابا بينه وبين خلقه ؛ والبابَ المؤدّي إلى معرفة حقّه ، وأطْلَعَهم على المكنون من غَيب سِرّه .
كلَّما مضى منهم إمامٌ ، نَصَبَ لخَلْقه من عقبه إماما بيّنا ، .........
قوله : (وفَتَحَ بهم عن باطنِ يَنابيعِ علمِه) أي جعلهم مفاتيح العلم الذي كان مستورا ؛ وقد يكون علم اللّه له ظاهر وباطن ، واللّه سبحانه فتح بهم عن الباطن ، فالظاهر أولى . أو أنّ الظاهر علمه اللّه تعالى غيرهم من الأنبياء والأوصياء ، وكشف لهم عن الباطن غير ما استأثر به وفَتَحَه لهم .
وفي الكلام استعارةٌ .
قوله : (وجَعَلَهم مَسالِكَ لمعرفتِه) أي طرقاً موصلة إليها ، أو طرقاً كائنة لها .
قوله : (وحُجّابا بينَه وبينَ خَلْقِه) .
يحتمل أن يكون «حجّاب» مشدّداً جمع حاجب ، كعمّال وعامل . والمعنى حينئذٍ : أنّهم هم الذين يوصلون إلى الخلق ما اُمروا به ، كما أنّ الحاجب يوصل إلى مَن له حاجة من المحجوب حاجته ؛ أو أنّهم حجّابٌ للخلق عن أن ينسبوا إلى اللّه سبحانه مالا يليق به ، ويصفوه بما لا يوصف به ، فهم حجّاب لمن احتجب بهم .
ويحتمل أن يكون مخفّفا . والمعنى حينئذٍ : أنّ اللّه سبحانه جعلهم حجاباً ، أي سِتْرا وحاجزا بين خلقه وعذا به ؛ فهم حجّاب لمن احتجب بهم وتمسَّكَ بحبلهم عن دخول النار وحلول العذاب . وهو نظير قوله عليه السلام : «أعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ بك منك» . ۱
قوله : (نَصَبَ لخَلْقِه من عَقِبِه إماما بَيِّنا ، وهادِيا نَيِّرا ، وإماما قَيِّما) .
«الإمام» لغةً الذي يقتدى به ويؤتمّ به من رئيس أو غيره ، والطريق . وقيّم الأمر : المصلح له ، فالإمام الأوّل مَن يقتدى به ويؤتمّ ۲ ، والثاني القيّم ، أو الطريق إلى ما يوصل إلى المطلوب من الحقّ ۳ .
«وقيّماً» على الأوّل تفسير ، وذكر الإمام ليبنى عليه ويوصف به ؛ وعلى الثاني معناه أنّه طريقٌ قيّمٌ ، أي قائم مستقيم . ذكر تفسير القيّم بهذا في الغريب ۴ .
1.الكافي ، ج ۳ ، ص ۴۶۹ ، باب صلاة فاطمة عليهاالسلام من صلاة الترغيب ، ح ۷ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص۱۸۵ ، ح ۴۱۹ ؛ مصباح المتهجّد ، ص ۸۳۰ ، صلاة ليلة النصف من شعبان ؛ وص۸۳۹ ، صلاة أُخرى في هذه اليلة ؛ إقبال الأعمال ، ص ۶۹۵ ، فصل فيما نذكره من صلاة أربع ركعات أُخرى في ليلة النصف من شعبان ؛ وص۷۰۳ ، فصل فيما نذكره من رواية أُخرى بسجدات ودعوات ... ؛ البلد الأمين ، ص ۱۷۳ .
2.في «ج» : + «به» .
3.في «د» : «ما يوصل من المطلوب إلى الحقّ» .
4.تفسير غريب القرآن ، ص ۵۱۷ .