99
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.ويَنقطِعَ موادُّه ، لما قدرَضوا أن يَستَنِدوا إلى الجهل ، ويُضيّعوا العلمَ وأهلَه .
وسألتَ : هل يَسَعُ الناسَ المُقامُ على الجَهالةِ ، والتديّنُ بغير علم ، إذا كانوا داخلين في الدين ، مُقرّين بجميع اُموره على جهة الاستحسان ، والنشوءِ عليه ، والتقليدِ للآباء والأسلافِ والكبراء ، والاتّكالِ على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلِها ؟

قوله : (وتَنْقَطِعَ مَوادُّه) أي اُصوله ، وهي الآثار المأخوذة عن ۱ أهل العلم عليهم السلام .
قوله : (لِما قَدْ رَضُوا أنْ يَستَنِدوا) أي لأجل ميلهم (إلى الجهلِ) ، فإنّ فيه تسهيلاً ۲ لمشاقّ التكليف ، وهو الحاصل من استحسان ماتهوى أنفسهم ، ولانحرافهم عن أهل العلم وحسدهم إيّاهم على ما آتاهم اللّه من فضله . وفي ذلك تضييع للعلم الحقيقي ولأهل العلم ، أي لمعرفة قَدْرهم ومنزلتهم والانقياد إليهم فيما فيه النجاة . وقد يكون في ذلك تضييع لنفوس أهل العلم من قتل ونحوه ، كما وقع للأئمّة عليهم السلام ولغيرهم من العلماء .
قوله : (إذ كانوا داخِلينَ في الدينِ ، مُقِرِّينَ بجميعِ اُمورِه على جَهَةِ الاستحسانِ) يعني أنّهم داخلون في دين الإسلام ، وليسوا من أقسام الكفّار ، ولكن اُمورهم التي يدّعون أنّهم بها مسلمون وبها عاملون بشرائط الإسلام مأخوذة من جهة الاستحسان والنشوء عليه إلخ ، فلا إيمان ولا إسلام إلاّ بحسب الظاهر .

1.في «ج» : «وهي الاثارة المأخوذة من» بدل «وهي الآثار المأخوذة عن» .

2.في «ج» : + «إليهم» .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
98

۰.من ملمّات الظُلَم ، ومَغْشِيّاتِ البُهَمِ . وصلّى اللّه ُ على محمّد وأهلِ بيته الأخيار الذين أذهَبَ اللّه عنهم الرجسَ وطَهَّرَهم تطهيرا .
أمّا بعد ، فقد فَهِمتُ يا أخي ما شكوتَ من اصطلاح أهل دَهْرِنا على الجَهالةِ وتَوازُرِهم وسَعيِهم في عِمارة طُرُقِها ، ومُبايَنَتِهم العلمَ وأهلَه ، حتّى كادَ العلمُ معهم أن يَأزِرَ كلُّه

قوله : (مِن مُلِمّاتِ الظُّلَمِ) .
«الملمّات» جمع ملمّة ، وأصلها النازلة من نوازل الدهر . والإضافة وصفيّة ، أو لاميّة.
قوله : (ومَغْشِيّاتِ البُهَمِ) أي مغطيّاتها . و«البُهَم» جمع بُهمة ، وهي الخطّة الشديدة ؛ أو أنّها مأخوذة من البُهْمَة ، وهي الفارس الذي لا يدري من أين يؤتى ، فاستعيرت لما يغطّي الإنسان بحيث يستوعب جميع بدنه ممّا يشاء به ويضرّه من الجهل والضلال وما شابههما ۱ ؛ أو من البُهْمَة ، وهي الصخرة أو الجيش . والأوّل أظهر ، ولا تكلّف فيه .
قوله : (أمّا بعدُ ، فقد فَهِمْتُ يا أخي ما شَكَوْتَ من اصطلاحِ أهلِ دَهْرِنا على الجَهالة ...) .
لا شبهة في أنّ كلّ علمٍ لم يكن مأخوذاً عن اللّه ورسوله والأئمّة عليهم السلام وما يتوقّف عليه فهو جهلٌ . والمراد من «أهل الدهر» من كان علمهم ناشئا عن الاجتهاد الذي ليس له أصل يجوز الأخذ به ، من مثل الرأي والقياس والاستحسان . وهذا الأمر الذي توازر عليه أهل الدهر ، أي تعاونوا عليه وحملوا أثقاله وإثمه من الوزر ، وهو الإثم والثقل .
قوله : (حتّى كادَ العلمُ مَعَهُم أنْ يَأرِزَ۲) بتقديم المهملة على المعجمة ، أي يتضامّ ويتقبّض . والمراد عدم اشتهاره وانتشاره ، يقال : أرزَ فلان يأرز أرزاً وأروزاً : إذا تضامّ وتقبّض من بخله .

1.في «ج» : «وما يشابههما» . وفي «د» : «وما تشابههما» .

2.كذا في كثير من نسخ الكافي ، و في حاشية بعض نسخ الكافي والمطبوع : «يأزر» بمعنى يضعف ، وفي بعض نسخ أُخرى للكافي : «يأرن» بمعنى يهلك وينعدم . استظهر العلاّمة المجلسي تقديم المهملة على المعجمة ، أي «يأرز» ، ولم يستعبد المازندراني العكس ، وأمّا السيّد الداماد والصدر الشيرازي فقد أورداها بتقديم الراء على الزاي . قال المازندراني : «أن يأزر كلّه ... أي يجتمع كلّه في زاوية النسيان ، من أزرت الحيّة إلى جحرها : إذا انضمّت إليها واجتمع بعضها إلى بعض فيها» . انظر : التعليقة ، للداماد على الكافي ، ص ۱۰ ، وشرح ملاّ صدرا ، ج ۱ ، ص ۱۹۰ ؛ وشرح المازندراني ، ج ۱ ، ص ۴۴ ؛ ومرآة العقول ، ج ۱ ، ص ۱۵ ؛ والصحاح ، ج۳ ، ص ۸۶۴ ؛ والنهاية ، لابن الأثير ، ج ۱ ، ص ۳۷ (أرز) .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 109039
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي