101
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

وَاللّهِ لَأَن يُقطَعَ لِساني أَحَبُّ إِلَيَّ أَن أَتَكَلَّمَ بِما لا عِلمَ لي بِهِ.۱
وهكذا ، كلّ معاف من الغرور العلمي سالم من داء اعتبار النفس عالما ، ليس على استعداد مطلقا وبأيّ قيمة أن يُبديَ رأيا فيما لايعرف ، ومن ثَمَّ يلتزم السكوت والصمت ويمسك عن جواب الكثير من المسائل ، وهذا ما يتضمّنه البيان الرائع من الإمام علي عليه السلام حينما يقول :
قولُ «لا أعلَمُ» نِصفُ العِلمِ.۲
إنّ هذا على خلاف المبتلين بالغرور العلمي واعتبار النفس عالما ، الذين لا يتريّثون بل يتعجّلون الإجابة عمّا يُسأَلون دون تأمّل ، اُولئك الذين لا يقتصر على وصفهم بأنّهم ليسوا علماء ، وإنّما هم مرضى ، أو كما نعتَهم الإمام الصادق عليه السلام بأنهم مجانين :
إِنَّ مَن أجابَ في كُلِّ ما يُسأَلُ عَنهُ لَمَجنونٌ.۳

6 . التحفّظ من الخطأ

وهو الميزة السادسة فيما أورد الإمام عليه السلام من علامات العالم الحقّ . فمن برئ من الغرور العلمي وعرف مقدار ما يجهله ، إذا أراد أن يبدي رأيا في مسألةٍ مّا استجمع فكره وسيطر على حواسّه حذر الوقوع في الخطأ ، ثمّ يُظهر رأيه بكلّ دقّة آخذا كلّ أبعاد المسألة المعنية وجوانبها المختلفة بعين الاعتبار .
فلسان العاقل وراءَ عقله ۴ دائما ، فلا ينطق مطلقا بكلام غير موزون ، تحاشيا

1.راجع : ج ۲ ص ۳۶۳.

2.راجع : ج ۲ ص ۳۵۵ ح ۲۶۶۳ .

3.راجع : ج ۲ ص ۳۵۵ ح ۲۶۶۱ .

4.راجع : ص ۲۸۵ ح ۵۷۵ و ۵۷۶ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
100

4 . اتّهام الرأي الذاتي

رابعة علامات العالم الحقّ فيما أورده الإمام عليه السلام من خصائص هي اتّهام الشخص رأيه ونظره .
فالعالم الواقعي الواعي ـ لأن مجهولاته لا تتناهى ـ لا يبرّئ رأيه أو نظره من الخطأ مطلقا ، بل إنّه لينظر إليه بعين الاتّهام ، ولا يعتبر أيَّ فرضيةٍ نظريةً علميةً منطقيةً منطبقةً على الواقع ما لم تثبت لديه بصورة قطعية .
فما أكثر الآراء والعقائد التي ظلّت القرون المتمادية على العالم باعتبارها نظريات علميّة قطعية ، لا يتبادر الشكّ في صحّتها لأيّ إنسان ، أو يسمح إنسان لنفسه بالارتياب في صحّتها ، حتّى أثبت التطوّر العلمي بطلانها؟! ودونك فرضية بطليموس في علم الهيئة وأمثالها في المسائل النظرية ليست قليلة .

5 . اختيار الصمت

خامسة ميزات العالم الحقّ في كلام الإمام عليه السلام هي ملازمة الصمت .
إنّ العالم الواقعي المدرك ـ بأنّ معلوماته نزر يسير أمام مجهولاته التي لا تعدّ ولا تحدّ ـ لا يسمح له عقله إبداء رايهِ في كلّ مسألة .
روى الشهيد الثاني رحمه اللّه عن القاسم بن محمّد بن أبي بكر ـ أحد فقهاء المدينة المتّفق على علمه وفقهه بين المسلمين ـ أنّه سئل عن شيءٍ فقال : لا اُحسنه ، فقال السائل : إنّي جئت إليك لا أعرف غيرك فقال القاسم : لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي ، واللّه ما اُحسنه . فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه : يابن أخي الزمها ؛ فقال : واللّه ما رأيتك في مجلس أنبل منك مثل اليوم ، فقال القاسم :

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 199251
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي