109
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

2 . عدم الاكتراث بآراء الآخرين

وثانية علامات أصحاب الآراء والعقائد غير العلمية هي أنهم لا يعترفون بآراء الآخرين بأيّ قيمة ، فلا يأبهون لعقائدهم أو يعتنون بها ، بل على حدّ قول الإمام عليه السلام :
بِرَأيِهِ مُكتَفِيا .
وعليه ، فإنَّ مِن طرق اختبار العقيدة أن يُختبر صاحبها ، هل يسمح لنفسه أن يخوض في آراء الآخرين وعقائدهم فيدرسها ويتأمّلها؟ أو أنّه يعتقد أنّ كلّ ما يقوله هو الصواب والصحيح ، وما يقوله غيره خطأ باطلٌ .
فمن ابتُلِي بداء اعتبار النفس عالما ـ من شأنه أن يعتبر نفسه عالما على الإطلاق ـ فهو من هذا الحيث لا يشعر بحاجة إلى مطالعة آراء الآخرين أو دراستها . أمّا الصحيح السالم من هذا الداء العارف قدر معلوماته المحدودة إزاء مجهولاته الّتي لا تنتهي فإنّه يحتمل صحَّة الفهم لدى الآخرين ، فلا يكتفي برأيه بل يتّخذ رأي الآخرين موضوعا للبحث والدراسة أيضا . والإمام عليه السلام في رواية اُخرى يقول :
ما اُعجِبَ بِرَأيِهِ إِلّا جاهِلٌ.۱

3 . اجتنابُ العلماء

ثالثة علامات أصحاب الآراء والعقائد غير العلمية هي أنهم يتجنّبون الاقتراب من العلماء الحقّ ، وكأنهم خفافيش الليل تفرّ من ضوء الشمس ، وتقضي يومها المشرق بين دياجير القباب والكهوف . إنّ اُولئك النّاس على الظاهر يَفزعون أيضا من نور

1.راجع : ص ۳۶۹ ح ۱۰۰۰ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
108

أو الفقه أو الاُصول أو التفسير ، وأخيراً ، لو أنّ غير أهل الاختصاص لم يظهروا آراءهم وعقائدهم بالنسبة للمسائل العقائدية ، لاقتلعت اختلافات المجتمع البشري من جذورها .
وإذا كنّا نشاهد في عصرنا الحاضر ـ وعلى امتداد التاريخ ـ العشرات من المدارس والمئات من العقائد والآلاف من الأفكار المختلفة والآراء المتباينة ، وأنّ كلَّ مَنْ جمعَ حوله لفيفا يَنصِبُ نفسه عليهم مُنظّراً وزعيم منظّمة ويفرض نظريته وعقيدته الخاصّة عليهم ثُمّ بحثنا عن سبب هذه الاختلافات بحثا جذريًّا لوصلنا إلى جذرها هذا الذي أشار إليه الإمام سلام اللّه عليه ، وأنّه إظهار الجهلاء وغير المتخصّصين وجهات أنظارهم الفجّة وإقحامهم آراءهم الفقاعية على الواقع والحقيقة .
ولو أنّ أصحاب الأفكار المختلفة صمَّموا على أن لا يظهروا آراءهم بالنسبة لشيءٍ مّا لم يثبت لهم الرأي بصورة قطعية ، وألّا يعرضوا فرضياتهم التي لم تثبت بعدُ على أنها نظريات علميّة ، فإنّ الخلاف بين وجهات النّظر سيقتلع جذريا من بين المجتمع ، وستلتقي جميع الأفكار في مجال الحقائق الكونية في وجهة نظر مشتركة ، وذلك لأنّ الحقّ واحد لا غير ، ولا يمكن إلّا أن يكون واحداً بالضرورة . وفي كلّ هذه النظريات المتناقضة والأفكار المختلفة والعقائد المتضادّة لا محالة من عقيدة صحيحة علميّة مطابقة للواقع ، والباقيات غير صحيحة وغير علميّة وغير منطبقة على الواقع وكيف يتأتّى أن يكون قولي حقًّا وقولك حقا وقول الآخر كذلك وآراؤنا متناقضة تماما فيما بينها؟! ولكلٍّ منّا رأيهُ الخاصّ المغاير للآخرين؟!

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 239635
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي