اعترافا عمليا ، أو على العمل بما يخالفها .
وبعد أن تحدّد معنى الإيمان ينبغي أن لا تفوتنا الإشارة إلى أنّ المراد من الإجبار في قولنا : لا إجبار في الايمان هو الإجبار في الركن الثاني من ركني الإيمان ، لأنّ الإجبار كما أسلفنا لا يسري إلى الركن الأوّل .
فلو قال أحدٌ بأنه يعتقد أنّ اللّه تعالى خالق الكون ولا إلهَ إلّا هو وجب عليه أن يعلم الدليل على ذلك ، ولو قال أنّه يعتقد أنَّ محمداً صلى الله عليه و آله رسول للّه وجب عليه أن يعلم لماذا كان محمدٌ رسول اللّه ، ولو قال أنّه يعتقد أنّ الإنسان يحيا بعد موته يوم القيامة للبَتِّ في أعماله وجب عليه أن يعرف الدليل على ذلك ، فإذا جهل الدليل ولم يعرفه أو ألقى اللوم على الوالدين أو المعلّم لأنهم هكذا قالوا! لن يقبل الإسلام عذره . ويقطع الإسلام بأنّ العقائد يجب أن تكون تحقيقية لا تقليدية ، وأنّ على كلّ إنسان أن يحكم في مسائله العقائدية الأساسية بنفسه دون غيره ، فأحكام غيره وآراؤه لاتجديه نفعا .
وأكبر من هذا ، أنّ الإسلام لايرغم الإنسان حتّى على الاعتراف بمعتقداته ، وهذا هو المقصود من قولنا : لا إجبار في الإيمان ، فالإسلام لايرغم أحداً على الاعتراف بالعقائد الإسلامية دون إيمان بها ، ولا يقبل اعترافا تقليديا غفلاً من التحقيق والتفكير والعلم ، بل إنه ليعتبر حتّى اُولئك الذين يؤمنون بعقائده ولدوافع مختلفة لا يعترفون بها عمليا أنهم أحرار ، ولا يحقّ للمسلمين إرغامهم على الاعتراف العملي بها عنوة ، يقول سبحانه في محكم كتابه :
«لَا إكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ» . ۱