أراد أن يجبر الناس على الإيمان لتصرّف بشكل آخر .
وهذا الذي استنبطناه من الآيات المذكورة يطالعنا بصورة أكثر وضوحا في آياتٍ اُخرى من جملتها قوله تعالى :
«لَعَلَّكَ بَـخِعٌ نَّفْسَكَ ألَا يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * إن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ ءَايَةً فَظَـلَّتْ أعْنَـقُهُمْ لَهَا خَـضِعِينَ» . ۱
وكذلك قوله سبحانه :
«فَلَعَلَّكَ بَـخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى ءَاثَـرِهِمْ إن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـذَا الْحَدِيثِ أسَفا * إنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أيُّهُمْ أحْسَنُ عَمَلاً» . ۲
فهذه الآيات تدلّ بوضوح على أن النبيّ صلى الله عليه و آله كان يعاني غُصَصا من تردّي الناس في أصفاد العقائد الوهمية وكراهتهم للحرّية وتقبّل العقائد الصحيحة ، كادت لشدّة حزنه أن تودي بحياته ، وما يستلفت النظر في الآيات الأخيرة التي نزلت تسليةً لخاطر النبيّ وسلوانا لمواساته صلى الله عليه و آله أنّ الإشارة في الآية الثالثة من سورة الشعراء إلى عدم الإكراه في الإيمان ، كما أشارت الآية السادسة من سورة الكهف إلى الحكمة في الحرّية ، وأنها اختبار للإنسان وتكامله .
مكافحة العقائد الموهومة في الإسلام
ربّما يستنتج ممّا سلف عن حرّية العقيدة وحرّية التعبير عنها أنّ الإسلام لايسمح باتّخاذ أيّ إجراء من أجل مكافحة العقائد الواهية وتصحيح المعتقدات المجانِفة للصواب ، وما دامت عقائد الإنسان تابعة لمبادئه الخاصة وخارجة عن اختياره وأنّ الكلّ أحرار في الإفصاح عن معتقداتهم وأنّه لا يجوز فرض الإيمان حتّى على