137
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

والإهانة ـ وكانت موائمة لليسر والجمال ، فالجمال كيسر الحديث وحسن اللقاء وجمال الدافع وحتّى ملاحة القائل وما إلى ذلك جميعا لها أثرها الفعّال في نفاذ الموعظة إلى مكامن النفس ، على أنّ الأهمّ من هذا كلّه أن يكون الواعظ متّعظا بما يقول عاملاً به فأقبح العظات عظة الواعظ غير المتّعظ .
وعليه ، فكلّما ازدادت الموعظة حُسنا ازداد أثرها في نفس السامع ، وما أكثر ما كانت العظات الحسنة أبلغ أثراً ـ في نفوس عامّة الناس وجذبهم إلى العقائد الصحيحة والأعمال الصالحة ـ من الدليل والبرهان .
أمّا المواعظ القبيحة فإنها لا تقتصر على كونها عديمة التأثير بل لها ردّ فعلٍ عكسي يؤدّي بالإنسان إلى إنكار ما آمن به بالدليل والبرهان .

3 . المناظرة والبحث

وهي ثالثة الأساليب العملية في منهاج الإسلام لمكافحة العقائد غير العلمية جنبا إلى جنب مع ما سبق ، وهي ما عبّر عنها القرآن بألفاظٍ كالجدال والمراء .
والجدال والمراء أو المناظرة عبارة عن البحث والحوار حول الفكرة على سبيل المنازعة والمغالبة ، أو بعبارة اُخرى : مصارعة الأفكار على مسرح البحث والحوار .
وللقرآن في مخض الفكر بالمناظرة ـ الأمر الذي يستوجب بيان الحقائق وتجلّي المعتقدات الصحيحة ـ تعبيران :
الأول: ما ورد فيالآية المعنيّة: الجدال بالتي هي أحسن . والآخر : المراء الظاهر. ۱

1.كما في قوله سبحانه : «وَ جَـدِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أحْسَنُ» ، النحل : ۱۲۵ وقوله تعالى : «وَ لَا تُجَـدِلُواْ أهْلَ الْكِتَـبِ إلَا بِالَّتِى هِىَ أحْسَنُ» ، العنكبوت : ۴۶ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
136

من العقائد الباطلة ، ويأمر النبيّ صلى الله عليه و آله أن يوظّف هذه الأساليب في دعوة الناس إلى الإسلام وعقائده ، وهذه الأساليب هي :

1 . الحكمة

إنّ أول الأساليب العملية لمكافحة المعتقدات الباطلة في الاسلام هو إقامة الدليل والبرهان والاستدلالات العقلية أو كما عبَّر القرآن «الحكمة» .
ومعنى «الحكمة» كما جاء في مفردات الراغب ـ هو إصابة الحقِّ بالعِلْمِ والعقل ، وبعبارة اُخرى : الحكمة عبارة عن كشف الحقائق بواسطة الاستدلال العلمي والعقلي ۱ ، والإسلام يقدّم دائما الدليل والبرهان لإثبات دعاويه ، ويطالب المخالفين ببرهانهم. ۲

2 . الموعظة

وهي الأُسلوب العمليّ الثاني الّذي يتوسّل به الإسلام في مكافحة العقائد الباطلة إلى جوار الدليل والبرهان . وهي عبارة عن أقوال تعليمية تثير الاعتبار وتحرّك عواطف السامع وتحفزها على قبول الحقّ ، وعليه ، فالحكمة عن طريق العقل ، والموعظة عن طريق العاطفة والمشاعر الباطنية تدعوان الإنسان إلى تحطيم قيود المعتقدات الباطلة .
وممّا يلفت النظر في الآية الكريمة أنّ «الموعظة» قد قيّدت بوصفها «الحسنة» ، وهذا إشارة إلى أنّ الموعظة أو النصيحة لها أثرها في تحريك العواطف والمشاعر الباطنية لقبول الحقّ إذا كانت خالية من أيّ نوع من الكراهة ـ كالفظاظه والتعالي

1.راجع: ج ۲ ص ۷۱ «تحقيق في معنى الحكمة وأقسامها».

2.قال تعالى : «هَاتُواْ بُرْهَـنَكُمْ» البقرة : ۱۱۱ ، الأنبياء : ۲۴ ، النمل : ۶۴ ، القصص : ۷۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 195248
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي