141
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

والبقر والثعابين و . . . أحراراً في عقائدهم ، في حين أنّ هذه العقائد مضادّة لحرّية الفكر مقيّدة لها؟ ۱
هذه المعتقدات الخرافية الباطلة التي ترسّبت في الأذهان طوال القرون المتمادية لايمكن إزالتها بالأساليب المبدئية ، ولذا فإنّ الإسلام يوصي باستخدام القوّة لإبادة كلّ ما من شأنه عرقلة حرّية الفكر ويحول دون تحرّر المجتمع من العادات والتقاليد البائدة ورواسب الثقافات المتردّية . بيدَ أنّه ـ وكما ذكرنا سابقا ـ لايمكن استخدام القوّة العسكرية في مواجهة تلك المعتقدات مباشرةً ، فلهذا يوصي الإسلام بادئ ذي بَدء بضرب المعالم والآثار الاجتماعية لتلك المعتقدات والتقاليد المذمومة . فلأجل مكافحة عبادة الأصنام مثلاً لابدّ من هدم معابد الوثنيّين مثلما فعل النبيّ إبراهيم عليه السلام ، ولمكافحة عبادة البقر يجب رمي العِجْل في النار كما فعل النبيّ موسى عليه السلام .
لقد كان النبيّ ابراهيم عليه السلام أول من كشف سرّ الخلق في زمانه وأصاب الرؤية الكونية الحقيقية بفكر طليق ، ۲ وكان يتصدّى لقومٍ يعيشون في الأوهام ، قد قيّدت المعتقدات الباطلة أذهانهم ، فهم محرومون من أيسر تفكير وتعقّل؛ وقد حاول إنقاذهم عن طريق الاستدلال والنصح فلم يفلح ، الأمر الذي حداه إلى البرهنة العملية على أنّ الآلهة الأصنام التي كانوا يعبدونها ليست الإله الحقيقي ، بل هي من صنع أيديهم .
ففي أحد الأيام خرج الناس من المدينة لأداء مراسم عيد خاصّ بهم ، فاستغلّ إبراهيم عليه السلام الفرصة ودخل معبد الأوثان وحمل عليها بالفأس وهشّمها إلّا واحداً ، هو كبيرها ، فعلّق الفأس في رقبته وخرج من المعبد . وقد كان عليه السلام يهدف من وراء

1.نقلاً عن كلمة ألقاها الشهيد المطهّري في حسينية الإرشاد في خريف عام ۱۳۴۸ ه ش تحت عنوان «حرّية العقيدة» . راجع ص ۹۸ ـ ۹۹ من سلسلة مقالات پيرامون جمهورى اسلامى (بالفارسية) .

2.قال تعالى : «وَكَذَ لِكَ نُرِى إبْرَ هِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَـوَ تِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» الأنعام : ۷۵ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
140

تحكيم اللّه والاحتكام إليه ، فإذا لم تفلح المناظرة أو المباهلة فالحرب والقتال في ميادين الوغى هي الخطوة الأخيرة لإزالة السدود عن طريق الوعي وحرّية الفكر . وما المناظرة والمباهلة إلّا إتمام الحجّة على المعاندين .
مضافا إلى النُظُم المتعفّنة قد تقوم السُنن والتقاليد المهيمنة على مجتمع من المجتمعات أحيانا بمثابة السدّ في طريق حرّية الفكر ، مثل : عبادة الأوثان وعبادة البقر وعبادة النار ، والعشرات بل المئات من العقائد الاُخرى المنافية للعقل ، التي لو تأمّلها الإنسان بفكر حرّ لم يلبث حتّى يُدرك أنها عقائد وهمية دونما أدنى شكّ ، إلّا أنّ السُنن والعادات الموروثة العمياء التي تطوّق أرواح المعتقدين وكأنها الأغلال استبدّت بالفكر ، لا تتيح للإنسان فرصة التفكّر والتعقّل ، وعلى حدّ قول الاُستاذ الشهيد العلّامة المطهّري :
في البداية يظهر أصحاب المصالح الاستغلاليون ، ويحاولون تأسيس نظام ، وهذا النظام يحتاج بدون شكّ إلى مرتكز عقائدي ، فالمؤسّس يعلم ذاتيا ما هو صانع ، يعلم أنّه يخون ويعرف خيانته ، فهو يروّج بين الناس لفكرة أو صنم أو بقرة أو ثعبان ، فينخدع به جمعٌ منهم دون أن تتعلّق قلوبهم به ، وتمضي عدّة أعوام ، فيولد لهذه الجماعة أطفال يتربّون في أحضانهم يشاهدون أعمالهم ثمّ يبدؤون بالسير على خُطى الآباء .
ومثلها كمثل الجِصّ الليّن يمكن تشكيله في أيّ شكل من الأشكال حتّى يستقر على شكل وقالب معيّن ، فيجف تدريجيا ويتصلّب أكثر فأكثر كلّما ازداد جفافا حتّى يصل من الصلابة إلى حدّ يعجز المعوَل عن هدمه ، والسؤال : أيجب أن يكافح هؤلاء أم لا ؟ أتشمل حرّية الفكر التي ندعو إليها هذه الفكرة والعقيدة؟ هذه المغالطة تعمُّ العالم اليوم ، حيث يقولون من جهة بضرورة حرّية عقل الإنسان وفكره ، ومن جهة اخرى يدعون إلى ضرورة حرّية العقيدة أيضا . فهل يجوز أن يكون عبَدة الأصنام

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 243027
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي