145
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

المعتقدات التي لا أساس لها من الفكر أو المنطق فإنه يترك آثاراً سيئة على المجتمع ، فلا العقل يسمح به ـ كما سبق وأسلفنا ـ ولا الإسلام ، يؤيّد ما لا يجيزه العقل .
وعليه ، نقطع بغاية من الإيجاز فنقول : إنّ الإعلان عن الرأي والعقيدة مسموح به في الإسلام ، أمّا التهريج والشعوذة والتضليل لتفشّي المعتقدات الباطلة فهذا ما يحرّمه الإسلام .

حرّية الفكر في عالم اليوم

بقي علينا في هذا الفصل أن نتناول بالحديث موضوع حرّية الفكر في عالم اليوم ، والهدف من طرح هذا الموضوع في الأوساط الدولية عامّة ، وفي اُوربا بشكل خاصّ ، وكذلك الأهداف التي يرمي إليها الاستكبار العالمي وراء تأييده ومساندته لهذه الحرّية .
يمكن القول بأنّ طرح هذا الموضوع في عصرنا الحاضر قد جاء نتيجةً لردود فعل المجتمعات إزاء محاكم التفتيش العقائدي التي كانت تخضع لسلطة أرباب الكنائس في القرون الوسطى ، ممّن كانوا لايسمحون لأحد بأن يبدي رأيه خلافا لما تقول الكنيسة ، حتّى ولو لم يكن رأيه ذا صلة بالمسائل الدينية ، فعلى سبيل المثال : لمَّا قالت الكنيسة بأنّ الشمس تدور حول الأرض ما كان لأحد الحقّ في القول بأنّ الحقيقة عكس ذلك ولو أثبت قوله بالأدلّة والبراهين ، وهذا هو ما حصل لجاليلو فقد حكمت عليه محكمة التفتيش العقائدي بالإعدام ، الأمر الذي اضطرّه إلى إعلان التوبة ، كما حكمت المحكمة نفسها على الآلاف من العلماء بإلقائهم في النار أحياءً .
وكان القسّ الإيطالي برونو من جملة اُولئك العلماء الذين حكمت عليهم


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
144

هاتان القصّتان نموذجان واضحان للسيرة العمليّة لنبيّ الإسلام صلى الله عليه و آله في معاملة المناوئين للعقيدة الإسلامية ، وهما تبرهنان عكس المزاعم التي يبثّها بعض المستشرقين للنيل من الإسلام والنبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله ، وعليه ، فإنّ المعارك والغزوات الإسلامية بناءً على تعاليم القرآن لم تكن إلّا إقداما على تحطيم الموانع دون حرّية الفكر ونماء المعتقدات الصحيحة. ۱

حرّية تبليغ العقيدة في الإسلام

علمنا حتّى الآن بأنّ الإسلام لا يؤيّد حرّية الإعلان عن العقيدة فحسب ، بل ويدافع عنها أيضا ، وعليه ؛ أيسمحُ الإسلام لكلّ صاحب عقيدة أيًّا كانت أن يبلّغها لغيرهِ؟ هذا ما يجب أن نعرفه ، وقد سبق أن أجبنا عن هذا السؤال لدى بياننا عن رأي العقل في هذا الموضوع ، وقلنا : إنّ العقل لايسمح لتبليغ العقيدة بحرّية مطلقةٍ ، وإنّ رأي الإسلام في هذا الصدد مطابق لرأي العقل ، ولمزيد من الايضاح نقول :
إنّ تبليغ العقيدة يتمّ عن طريق الاستدلال والبرهنة ، والمبلِّغ يعتمد على العقل والمنطق إمّا بشكل حقيقي ، وإمّا بالتهريج والتحايل والتضليل .
والإعلان عن العقائد ذات الأساس العقلي في حدّ ذاته يعتبر ترويجا وتبليغا لها بمقدار ما تتمتّع به من العقل والمنطق والاستدلال ، ومن ثَمَّ فالتبليغ بهذا المعنى منطوٍ تحت حرّية التظاهر والإعلان ، وقد بَيَّنَّا رأي الإسلام في هذا الخصوص بشكل وافٍ .
وأمّا التبليغ عن طريق التهريج أو خلق الأجواء وتكييفها والتحايل لنشر

1.لمزيد من المعلومات بهذا الخصوص راجع مقالة «ملفّ الإسلام» من كتاب محمّد خاتم پيامبران (بالفارسية) : ج ۲ ص ۵۹ ـ ۷۱.

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 242198
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي