169
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

العَقلُ لَم يَجنِ عَلى صاحِبِهِ قَطُّ، وَالعِلمُ مِن غَيرِ عَقلٍ يَجني عَلى صاحِبِهِ.۱
وفي عالم اليوم تطوّر العلم غير أنّ العقل تناقص ، والمجتمع الحالي يمثّل مصداقا لمقولته عليه السلام حين يقول:
مَن زادَ عِلمُهُ عَلى عَقلِهِ كانَ وَبالًا عَلَيهِ .۲
وهو أيضا مصداق لهذا البيت :

إذا كنت ذا علم ولم تكُ عاقلًا
فأنت كذي نعل وليس له رجلُ۳

لقد أصبح العلم في العصر الراهن ـ نتيجة لابتعاده عن العقل ـ سببا لاضطراب المجتمع البشري مادّيا ومعنويا وفسادهِ وانحطاطهِ، بدلًا من أن يكون عاملًا لاستقراره ورفاهه وتقدّمه وتكامله على الصعيدين المعنوي والمادّي؛ حيث تحوّل العلم في عالم اليوم إلى أداة لبلوغ المآرب السياسية والاقتصادية واللذائذ المادّية لدى فئة مستكبرة مرفّهة خاوية من العقل، استغلّت هذه الأداة أكثر من أي وقت آخر؛ للاستيلاء على الشعوب واستضعافها ودفعها إلى هاوية الانحراف.
طالما بقي العلم بعيدا عن العقل، وما دام العقل لا يواكب العلم في تطوّره، لن يتسنّى لبني الإنسان أن يذوقوا طعم الاستقرار والسكينة وأفضل ما جاء في هذا المعنى هو قول الإمام علي عليه السلام :
«أفضَلُ ما مَنَّ اللّهُ سُبحانَهُ بِهِ عَلى عِبادِهِ عِلمٌ ، وعَقلٌ، ومُلكٌ، وعَدلٌ».۴

1.راجع : ص ۲۰۰ ح ۱۰۵ .

2.غرر الحكم : ح ۸۶۰۱ .

3.راجع: ص ۲۰۱ ح ۱۱۱ .

4.راجع: ص ۲۰۰ ح ۱۰۸ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
168

عين سليمة من جهة، ووجود نور الشمس من جهة اُخرى . وكما أنّ نور الشمس لا يحول دون زلل الأعمى، فكذلك لا ينفع عقل التجربة في الحيلولة دون زلل من مات لديه عقل الطبع والوجدان الأخلاقي وسقوطه .

الفرق بين العاقل والعالم

يأتي في مدخل القسم الرابع أنّ لكلمة «العلم» في النصوص الإسلامية استخدامين: يُعنى أحدهما بجوهر العلم و حقيقته فيما يتناول الآخر قشره الظاهري فحسب. في الاستخدام الأوّل هنالك تلازم بين العقل والعلم كما روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال:
العَقلُ وَالعِلمُ مَقرونانِ في قَرنٍ لا يَفتَرِقانِ ولا يَتَبايَنانِ.۱
وعلى هذا الأساس لا يوجد ثمّة فارق بين العالم والعاقل، وذلك لأنّ العاقل عالم، والعالم عاقل، حيث قال تعالى في كتابه الكريم:
«وَ تِلْكَ الْأَمْثَـلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَ مَا يَعْقِلُهَا إلَا الْعَــلِمُونَ» . ۲
أمّا في الاستخدام الثاني فهنالك تفاوت بين العاقل والعالم، والعلم بحاجة إلى العقل، فقد يكون هناك عالم ولكنّه غير عاقل، وإذا اقترن العلم بالعقل كان ذا فائدة للعالِم وللعالَم. أمّا إذا تجرّد من العقل فلا خير فيه، بل ولا يخلو في مثل هذه الحالة من الضرر والخطر.

خطر العلم بلا عقل

قال الإمام علي عليه السلام في هذا المعنى:

1.راجع : ص ۲۵۰ ح ۳۱۵ و ۲۴۹ «آثار العقل» .

2.العنكبوت: ۴۳.

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 195299
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي