دخوله في عالم الآخرة من استجوابات مبدئيّة للتسجيل في ملفّ أعماله هو السؤال عن العقائد ، فأوّل سؤال عن العقيدة، لاعن العمل: بأيّ إلهٍ آمنت؟ وبأيّ دين اعتقدت؟ ومن اُسوتك ورائدك الذي اتّبعتَه؟
ولا يمكن العثور على مدرسة بين مدارس العالم تعير العقيدة الإنسانيّة ما يعيرها الإسلام من الاهتمام والقيمة والاحترام البالغ ، فالبحوث العقائديّة من منظار الإسلام تتصدّر البحوث الاُخرى على الإطلاق.
فعلى المؤسّسات العلميّة الدينيّة والجامعات في الأقطار الإسلاميّة أن تُولي المحاضرات والبحوث والقضايا العقائديّة عظيم اهتمامها قبل كُلّ شيء.
وسيأتي الحديث مفصّلاً في الأقسام القادمة من هذا الكتاب عن رؤية الإسلام للأهميّة التي تتَّسم بها مباحث علم المعرفة. و نشيرهنا إشارةً مقتضبة إلى قصّة تربويّة بالغة التعليم في هذا المجال.
قصّةٌ تَربويّة
روى المرحوم الشيخ الصدوق (المتوفّى 381 ه ) ـ وهو من أعلام محدّثي الشيعه في كتبه المعروفة: معاني الأخبار؛ والخصال؛ والتوحيد ـ عن شخص يُدعى القدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه قال: إنّ أعرابيًّا قام يوم الجمل إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ، فقال:
يا أَميرَ المُؤمِنينَ ، أَتَقولُ إِنَّ اللّهَ واحِدٌ؟!
سؤال لم تكن له أيّ مناسبة في نظر المقاتلين المنهمكين في القتال ولا شاغل لهم اِلّا التخطيط للعمليات والخطط الحربية وما يلزم لتنفيذها ، فلو أنّ سائلاً أراد أن يسأل عن شيء في ذلك الموقف فلابدّ أن يكون سؤاله مرتبطا بالحرب، بالمسألة الأصلية في ذلك اليوم ، فلمّا رأوا أنّ سؤال الأعرابي عن مسألة عقائدية تبدو