نحن لا نهدف التسلّط والاستغلال ، وإنّما هدفنا هو المعرفة والإدراك والتَّنَوُّر ، وما القتال إلّا من أجل تحطيم السدود وإزالة العراقيل ورفع الحجب التي تمنع الحقيقة من أن تتجلّى عن نفسها ، ففلسفة الجهاد هي تحرير الإنسان من ربقة المعتقدات الموهومة ، وتهيئة المناخ اللازم لتصحيح العقائد ، وازدهار المعتقدات العلمية الصحيحة . ۱
وعليه ، فإنّ سؤال الأعرابي لم يقتصر على كونه ذا صلة مباشرة بالمسألة الأصلية ، وهي الحرب فحسب ، بل إنّه ليرتبط بها في أدقّ أبعادها وأعمقها ، ذلك لأنّ سؤاله يتعلّق بفلسفة القتال والجهاد ، وما من صلةٍ أقوى من صلة الشيء بفلسفته .
لذلك أدار الإمام علي عليه السلام وجهه نحو الأعرابي وأجاب عن سؤاله في غاية الوقار والدقّة ، قائلاً :
يا أَعرابِيُّ ، إِنَّ القَولَ في أَنَّ اللّهَ واحِدٌ عَلى أربَعَةِ أَقسامٍ : فَوَجهانِ مِنها لا يَجوزانِ عَلَى اللّهِ عز و جل ، ووَجهانِ يَثبُتانِ فيهِ .
ثمّ وضّح له الإمام عليه السلام الأقسام الأربعة قسما قسما . ۲