31
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

منطبقة على الواقع .

المقلِّد عالِمٌ خياليّ

أجَل ، إنّ التقليد لا يكسب علما ، ومبلغ إدراك المقلِّد هو أن يتخيَّل في نفسه أنّه عالم ، فهو عالمٌ في عالم الخيال لا في عالم الواقع . بعبارة اُخرى : المقلِّد عالِمٌ خيالي لا عالِمٌ واقعي .
فما من أتباع دينٍ ـ أيًّا كانوا ـ إلّا ويعتبرون عقيدتهم صحيحةً منزّهةً عن كلّ خطأ ، ويُخيَّلُ إليهم أنّ عقيدتهم وحدها هي العقيدة الصائبة المطابقة للحقيقة ، ثم إنّهم يعتبرون هذا الخيال عِلما يقينيا. ۱
ولو أنّ أتباع كلّ دين فكّروا في عقائدهم وأزالوا الموانع التي تحجب المعرفة ۲ عن بصائرهم وعقولهم واستعاضوا التقليد بالتحقيق لارتفعت كلّ الخلافات من بين المدارس العقائدية في المجتمع البشري ، ولتوصّل الجميع إلى وجهة نظرٍ مشتركة ودينٍ واحد ، فالخلاف لا يوجد إلّا حيثما حلَّ العلم الخيالي محلّ العلم الحقيقي ، وحيث يوجد العلم بمفهومه الحقيقي لا مجال للخلاف .

التقليد في العقائد من وجهة نظر الإسلام

لقد تبيّنت لنا وجهة نظر العقل بالنسبة للتقليد في المسائل العقائدية ، وبقي علينا أن نستطلع وجهة نظر الإسلام في هذا الصدد أيضا ، وهل الإسلام شأنه شأن العقل يحرّم التقليد في العقائد أو لا؟
وهنا يلزمنا أن نذكر أولاً وقبل كلّ شيء بأنّ المسائل الإسلامية بصورة عامة

1.راجع : ص ۶۵ «الفصل الرابع: تصحيح العقيدة» .

2.راجع : ج ۲ ص ۱۶۱ «القسم السابع: موانع المعرفة» .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
30

ومدلولها ونوضح المقصود منها .

ما التقليد ؟

التقليد عبارة عن تقبّل رأي الآخرين دون المطالبة بالدليل والبرهان. ۱
وهنا يَعِنُّ سؤال : هل يجيز العقل ذلك ، فيسمح للإنسان بقبول رأي من آخر أو آخرين بخصوص المسائل الاعتقادية دون ثبوته بالدليل والبرهان؟ أو لا يجيز ذلك؟ بل ويقضي على الإنسان بضرورة تحصيل عقائده عن طريق التحقيق ، وأنّ نظريات الآخرين وآراءهم لا تصبح أهلاً للقبول ، اللهمَّ الَا إذا كانت محقّقة مدعمة بالأدلّة والبراهين العقلية؟

حكم العقل بالنسبة للتقليد في العقائد

بناءً على تعريف التقليد المشار إليه آنفا فإنّ العقل لا يسمح للإنسان مطلقا بأن يصبح مقلِّداً في المبادئ والاُسس العقائدية ، ذلك لأنّ الاُصول العقائدية تستلزم العلم ، والتقليد لا يكسب علما .
وضرورة العلم بالنسبة لاُصول العقائد أمر لا يحتمل الشكّ ما دامت العقيدة أساسا للعمل ، فالعقل لا يجيز مطلقا وبصورة قطعية أن يبني الإنسان كلّ نشاطاته الفردية والاجتماعية على أساس عقيدة لا يعرف هو شخصيًّا صحّتها من سقمها أو مدى مطابقتها للواقع .
أمّا كون التقليد لا يكسب أو لا يحقّق للإنسان علما فهو أمر بديهيّ واضح ، إذ لو كان التقليد يستحصل للإنسان علما لكانت قاطبة المدارس وجميع العقائد والأديان المختلفة في العالم ـ ما كان منها وما يكون ـ بالضرورة علميّة صحيحة

1.التقليد في اصطلاح أهل العلم : قبول قول الغير من غير دليل (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۵۰۷) .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 199099
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي