335
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

محمودا ، بل إنّ العلم شطر منه نافع بنّاء ، وشطر منه ضارّ مهلك ، ولهذا السبب حرّم الإسلام السعي لإدراك كنه بعض الاُمور والخفايا .
وقد ورد مزيد من الإيضاحات لهذا الموضوع في الأحاديث المنقولة في باب «أحكام الجاهل» في هذا الفصل ، وفي الفقرة «ما يحرم تعلّمه» من أحكام التعلّم ۱ ، وكذا في الفقرة «السؤال عمّا قد يضرّ جوابه» من آداب السؤال . ۲

2 . الجهل بالمعارف المفيدة

لا ريب في أنّ الإسلام ينظر بعين الاحترام إلى جميع العلوم والمعارف المفيدة ويدعو إلى تعلّمها ، بل ويوجب ذلك فيما إذا كان المجتمع بحاجة إليها ولم يوجد مَن به الكفاية لأدائها. ۳
إلّا أنّ هذا لا يعني بطبيعة الحال أنّ الجهل بكلّ هذه العلوم مذموم بالنسبة للجميع .
وبعبارة اُخرى ، تدخل الآداب ، والصرف ، والنحو ، والمنطق ، والكلام ، والفلسفة ، والرياضيات ، والفيزياء ، والكيمياء ، وسائر العلوم والفنون الاُخرى في خدمة الإنسان ، وتحظى باحترام الدين الإسلاميّ ، بيد أنّه لا يمكن النظر إلى الجهل بكلّ هذه العلوم كمصدر لجميع الشرور ، واعتباره أشدّ المصائب ، وأعضَل الأدواء ، وألدّ الأعداء ، وأكبر صور الإملاق ، وأنّ كلّ من يجهل هذه العلوم أو بعضها هو شرّ الدواب ، وميّت بين الأحياء .

1.راجع : ج ۲ ص ۳۱۴ «ما يحرم تعلّمه» .

2.راجع : ج ۲ ص ۲۸۷ «السؤال عمّا قد يضرّ جوابه» .

3.راجع : ج ۲ ص ۳۱۹ «توضيح حول أحكام التعلّم» .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
334

وهل كلّ جهل ـ في رأي الإسلام ـ مذموم وخطير ، أم الجهل بمعناه الخاصّ ؟ وإذا كان الشقّ الثاني من السؤال هو الصحيح ، فلابدّ من تحديد طبيعة ذلك الجهل .
فأيّ جهل يعتبر مصدرا لكلّ الشرور؟
وأيّ جهل يعدّ الوبال الأكبر؟
وأيّ جهل ذاك الذي يحتسب كأفتك الأمراض وأعتاها؟
وأيّ جهل هو الفقر الأكبر؟
وأيّ جهل هو أعدى الأعداء؟
وأيّ جاهل ذاك الذي نعته القرآن الكريم ب «شرّ الدوابّ» ووصفه الإمام عليّ عليه السلام ب «الميّت بين الأحياء» .

مفاهيم الجهل

هنالك أربعة معانٍ للجهل المذموم ، هي :
أوّلًا : مطلق الجهل .
ثانيا : الجهل بعموم العلوم والمعارف المفيدة البنّاءة .
ثالثا : الجهل بأهمّ المعارف الضروريّة للإنسان .
رابعا : الجهل كقوّة مقابلة للعقل .
وإليك في ما يليتوضيحا لهذه المعاني :

1 . مطلق الجهل

على الرغم ممّا يتبادر إلى الذهن في الوهلة الاُولى من أنّ مطلق الجهل ضارّ ومذموم ، لكن يتّضح من خلال التأمّل أنّه ليس كلّ جهلٍ مذموما ولا كلّ علم

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 195261
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي