3 . الجهل بالمعارف الضروريّة للإنسان
إنّ المعارف والعلوم التي تهيّئ للإنسان معرفة بدايته وغايته وتكشف له عن سبيل بلوغ الحكمة من وجوده ، تدخل في إطار أهمّ المعارف الضروريّة لحياته .
فالإنسان لابدّ له أن يعرف كيف ظهر إلى الوجود ؟ وما الغاية من خلقه ؟ وكيف له العمل حتّى يصل إلى الحكمة المرجوّة من وجوده ؟ وما مصيره ؟ وما المخاطر التي تهدّده؟
والمعارف التي تتكفّل بالإجابة عن هذه الاستفسارات هيتراث الأنبياء ، هذه المعارف مبدأ لكلّ خير ، وتمهّد السبيل لازدهار العقل العمليّ وجوهر العلم ، والجهل بهذه المعارف يوقع المجتمع الإنساني في أشدّ المصائب والمحن ، ومن الطبيعيّ أنّ تعلّم مثل هذه المعارف لا يجدي نفعا بمفرده ، وإنّما هي ذات فاعليّة فيما لو كبح العقل جماح المفهوم الرابع للجهل ، وهو ما نبيّنه فيما يأتي .
4 . القوّة المقابلة للعقل
إنّ النصوص الإسلاميّة تطرح للجهل مفهوما رابعا ، وهو ـ خلافا للمعاني السابقة ـ أمر وجوديّ لا عدميّ ، وذلك هو الشعور الخفيّ الذي يقع في مقابل العقل ، وهو بطبيعة الحال ـ شأنه كشأن العقل ـ مخلوق من قبل الباري تعالى ۱ ، وله آثار ومقتضيات تُسمّى ب «جنود الجهل» تقع في مقابل «جنود العقل». ۲ أمّا سبب تسمية هذه القوّة بالجهل فلوقوعها في مقابل العقل تماما ، ولهذه القوّة تسميات اُخرى أيضا مرّ بيانها في مبحث خلق العقل .