39
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

لا تَكونَنَّ إِمَّعَةً .
وفي توضيحه قال :
تَقولُ : أنَا مَعَ النّاسِ وأنَا كَواحِدٍ مِنَ النّاسِ.۱
أي : لا تقلّد الآخرين في المسائل النظرية أو العملية ، وفكِّر في أقوالهم وأفعالهم لتتبيّن صحّة أقوالهم من عدمها وسلامة أفعالهم من خطئها ، ولا تقل : أنا مع الناس وأنا كواحدٍ منهم ، أقول ما يقولون ، وأفعل ما يفعلون .
وفي رواية اُخرى عن الإمام الكاظم عليه السلام أنّه قال لأحد أصحابه يُدعى الفضل بن يونس :
أبلِغ خَيراً وقُل خَيراً وَلا تَكُن إِمَّعَةً .
قال الفضل بن يونس : وما الإمّعة؟
فقال الإمام عليه السلام : لا تَقُل أنَا مَعَ النّاسِ وأنَا كَواحِدٍ مِنَ النّاسِ .
ثمّ روى الإمام عليه السلام أثناء توضيحه كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال :
يا أيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّما هُما نَجدانِ : نَجدُ خَيرٍ ، ونَجدُ شَرٍّ؛ فَلاَ يَكُن نَجدُ الشَّرِّ أحَبَّ إِلَيكُم مِنْ نَجدِ الخَيرِ.۲
فقول الرسول صلى الله عليه و آله : «إنّما هما نَجدان» إشارة إلى قوله تعالى : «وَ هَدَيْنَـهُ النَّجْدَيْنِ»۳ ، بمعنى أن الانسان قد خلق بحيث يعرف الخير كما يعرف الشرّ ، ويعلم تماما ما الطيّب وما الخبيث .

1.معاني الأخبار : ص۲۶۶ ح ۱ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۸۲ ح ۴ .

2.تحف العقول : ص ۴۱۳ ، الأمالي للمفيد : ص ۲۱۰ ح ۴۷ ، مستطرفات السرائر : ص ۸۴ ح ۲۹ ، الاختصاص : ص۳۴۳ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۲۱ ح ۶۲ .

3.البلد : ۱۰ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
38

لقد رُويت في هذا المقام للإمام علي عليه السلام أبياتٌ ضمن رواية ، نذكر منها بعضها :

إذا المشكلاتُ تصدَّينَ لي
كشفتُ حقائقَها بالنظَرْ

ولستُ بإمَّعةٍ في الرجال
يُسائِلُ هذا وذا ، ما الخبَرْ

ولكنّني مذرب۱الأصغرين
اُبيِّن۲مَعْ ما مضَى ما غَبَر۳

وعليه، فإن أتباع الإسلام السائرين الحقيقيين على نهج النبي صلى الله عليه و آله وأهل البيت عليهم السلام هم اُولئك الذين لهم آراؤهم ووجهات نظرهم في المسائل النظرية والعقائدية ، وحاشاهم أن يقلّدوا هذا أو ذاك ، أو يأبهوا بما يُرمَوْن به لانفرادهم بلونهم عن لون المجتمع ، فهم لا يقبلون أيّ عقيدة أو رأي ، حتّى تُثبت بالتحقيق أنها حقّ وإن أجمع الناس على خلاف ذلك ، ولا ينتهجون سبيلاً ، إلّا على يقين من أنّه سواء السبيل ، ولا يقدمون على عمل ما لم يتشخّص لهم بالتأمّل والتدقيق أنّه منطقي وخيِّر ومقبول لدى العقل .
وفي حديث آخر رواه الترمذي في صحيحه عن حُذيْفَةَ عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال :
لا تَكونوا إِمَّعَةً ؛ تَقولونَ : إِن أحسَنَ النّاسُ أَحسَنّا ، وإِن ظَلَموا ظَلَمنا ! ولكِن وَطِّنوا أَنفُسَكُم ؛ إِن أَحسَنَ النّاسُ أَن تُحسِنوا ، وإِن أَساؤوا فَلا تَظلِموا .۴
والإمام الصادق عليه السلام ، أيضا ، في وصيته لأحد أصحابه يقول :

1.قال المترجم (صلاح الصّاوي ـ ره ـ) : «فى نظري أنّ المصراع الأول : (ولكنّني ذَرِبُ الأصغرين) حتّى يصحّ وزنا ومعنىً؛ ففصاحة اللسان دليل فصاحة القلب وفصاحة القلب بيان عن الحقائق ؛ وإلّا فالبيت مكسور ، ولعلّ ذلك راجع إلى عدم الدقّة في الرواية أو الاستنساخ» . ولعلّ ما يرى الدكتور الحسينى أنّها (مِدرَه) أصحّ .

2.وفي بعض النسخ : «أقيس مع ما مضى ما غبر» .

3.جامع بيان العلم : ج ۲ ص ۱۱۳ ، كنز العمّال : ج ۱۰ ص ۳۰۳ ح ۲۹۵۲۱ ؛ الأمالي للطوسي : ص ۵۱۴ ح۱۱۲۵ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۵۹ ح ۱ و ج ۴۲ ص ۱۸۷ ح ۴ .

4.سنن الترمذي : ج ۴ ص ۳۶۴ ح ۲۰۰۷ ، كنز العمّال : ج ۱۵ ص ۷۷۲ ح ۴۳۰۳۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 199311
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي