«عالِمٌ رَبّانِيٌ» .
المجموعة الثانية : وهم من لم يبلغوا الحقيقة بعدُ ، إلّا أنهم أهل تحقيق وتفكّر ، دائبون على طريق الحقيقة ، حتّى إذا ما بلغوها تحقّقت لهم النجاة ، وهم من عناهم الإمام بقوله «مُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ نَجاةٍ» .
والمجموعة الثالثة : وهم اُناس لاعرفوا الحقيقة فيكونوا علماء ربّانيين ، ولا هم أهل تحقيق وتفكّر ودأب على طريق الحقيقة حتّى يصدق عليهم الوصف بالمتعلّمين على سبيل النجاة ، وإنّما هم اُناسٌ لايتيحون لأنفسهم فرصة التفكير والتحقيق أو يجيزون لها ذلك أصلاً ، وقد عبّر الإمام عن هذا القبيل من الناس بقوله : «هَمَجٌ رَعَاعٌ» .
«همج» عند ابن الأثير ، تعني : الذباب الصغير الذي يحطُّ على وجوه الغنم والحمير ، وقيل : هو البعوض ۱ ، وأما «الرعاع» فقد ذهب الفيروز آبادي إلى أنّه من لا فؤاد له ولا عقل. ۲
لقد شبّه الإمام عليه السلام المجموعة الثالثة التي لا تكلّف خاطرها عناء التفكير والتحقيق بذباب أحمقَ يتطفّل على أحمق أكبر منه ليتغذّى عليه ، ذباب يندفع حيثما ارتفعت صيحة مّا دون أن يعرف صاحبها أو ما إذا كانت على حقّ أم على باطل ، فشأنها شأن الذباب تدفعه الريح حيثما هبّت يميل معها حيث تميل .
ويرى الإمام عليه السلام أن العلَّة في انحدار هؤلاء الناس إلى هذا الدرك من الضعة والدناءة هي عدم استضاءتهم وتنوّرهم بنور العلم ، وافتقارهم إلى عقيدةٍ وأفكارٍ تنبني على اُسس وطيدة .