457
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

أسباب النكوص

هناك ثمّة قضيّة ذات أهمّيّة لابدّ من تسليط الأضواء عليها ، تلك هي معرفة أسباب النكوص إلى عهد الجاهليّة ، وهو ما عبّر عنه القرآن بالانقلاب على الأعقاب ، ويمكن إجمالًا تقسيم عوامل النكوص إلى مجموعتين : فرديّة ، واجتماعيّة .

أ ـ الأسباب الفرديّة للنكوص

إنّ كلّ ما سيذكر تحت عنوان «حجب العلم والحكمة» ۱ و «آفات العقل» ۲ يُعدّ من أسباب انقلاب أفراد المجتمع على أعقابهم إلى الجاهليّة الاُولى التي وضع الرسول صلى الله عليه و آله حدًّا لها عبر محاربته لهذه العوامل ، وهذه الآفات العقليّة إذا ما وجدت لدى شخص ما بأيّ نسبة كانت فهيتقوده نحو الجاهليّة بنفس تلك النسبة .
وثمّة روايات اُخرى أكّدت دخول شرب الخمر وتناول المسكر ۳ في عداد العوامل الفرديّة لمثل هذا الانقلاب ، وعلّلت الروايات اللاحقة هذه الظاهرة معتبرة الخمر اُمّ الفواحش ومفتاح كلّ شرّ ؛ فالإدمان على المسكرات والمخدّرات يمهّد الأجواء لاجتماع كلّ حجب المعرفة ويجعل الإنسان عرضة للوقوع في مهاوي المعتقدات والأخلاق والأعمال الجاهليّة .

ب ـ العوامل الاجتماعيّة للنكوص

أمّا العوامل الاجتماعيّة لمثل هذا الرجوع القهقرى ، فهي نفس الأمراض التيتهدّد أساس النظام الإسلاميّ ، ومن أبرزها الاختلاف الذي قال فيه رسول اللّه صلى الله عليه و آله :

1.راجع : ج ۲ ص ۱۶۳ «الفصل الأوّل : حجب العلم والحكمة» .

2.راجع : ص ۳۰۳ «الفصل السادس : آفات العقل» .

3.راجع : ص ۴۵۲ «شرب المسكر» .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
456

فكان يقول لهم : «أنَا لَكُم مِثلُ الوالِدِ ؛ اُعَلِّمُكُم». ۱
كانت نبوّته والتعاليم التي جاء بها من قبل اللّه تعالى لتنظيم شؤون الحياة تطابق الموازين العقليّة والمعايير العلميّة ، وحتّى إنّ العلماء لو عَنَّ لهم تقصّي حقائقها لثبت لهم بكلّ جلاء صدق ارتباطه بمبدأ الوجود : «وَ يَرَى الَّذِينَ اُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى اُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَ يَهْدِى إلَى صِرَ طِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» . ۲
وانطلاقا من هذه الرؤية ، كان يحذّر الناس بشدّة من اتّباع ما لا علم لهم به ويتلو عليهم الآية الكريمة : «وَ لَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤَادَ كُلُّ اُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـئولًا» . ۳

تحذير قرآنيّ

كثيرا ما يؤكّد القرآن ضرورة استمرار نهضة الإسلام العلميّة والثقافيّة ويحذّر المسلمين لئلّا يعودوا بعد الرسول إلى ما كانوا عليه في عهد الجاهليّة ، بقوله : «وَمَا مُحَمَّدٌ إلَا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإِيْن مَّاتَ أوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أعْقَـبِكُمْ» . ۴
وتعني هذه الآية ، وكذلك الآية 33 من سورة الأحزاب : «وَ لَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَـهِلِيَّةِ الْأُولَى» وفقا لتفسير الإمام الباقر عليه السلام : «أي سَيَكونُ جاهِلِيَّةٌ اُخرى» إشارة إلى عودة الجهل في تاريخ الإسلام ، حتّى إنّه صلوات اللّه عليه قال في هذا الصدد :
بُعِثتُ بَينَ جاهِلِيَّتَينِ ؛ لَاُخراهُما شَرٌّ مِن اُولاهُما.۵

1.مسند ابن حنبل : ج ۳ ص ۵۳ ح ۷۴۱۳ ، سنن النسائي : ج ۱ ص ۳۸ ، سنن ابن ماجة : ج ۱ ص ۱۱۴ ح ۳۱۳ ، كنز العمّال : ج ۹ ص ۳۶۲ ح ۲۶۴۶۶ .

2.سبأ : ۶ .

3.الإسراء : ۳۶ .

4.آل عمران : ۱۴۴ .

5.الأمالي للشجري : ج ۲ ص ۲۷۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 199249
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي