53
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

لكميل، قال :
يا كُمَيلُ ما مِن حَرَكَةٍ إِلّا وأنتَ مُحتاجٌ فيها إِلى مَعرِفَةٍ .۱
وهذا يعني أن الإسلام لا يسمح للإنسان بالقيام بعمل دون التحقيق والعلم بصحّته ، فالعمل بدون التحقيق لايقتصر على كونه غير مصون من الخطأ فحسب، بل إنّه في حدّ ذاته خطأ كبير .
فالإسلام يسعى إلى ترغيب النّاس في التحقيق ويشوقّهم إلى طلب العلم والمعرفة الحقيقية قبل أيّ شيء آخر ، ويعتبر أفضل المسلمين أكثرهم معرفةً ، لاعبادة، وهو مصداق قول الرسول صلى الله عليه و آله :
أفضَلُكُم إِيمانا أَفضَلُكُم مَعرِفَةً.۲
كما رويت عن المعصومين عليهم السلام رواية اُخرى حول المسلم الأفضل من هو ؟ نصّها :
بَعضُكُم أَكثَرُ صَلاةً مِن بَعضٍ ، وبَعضُكُم أَكثَرُ حَجًّا مِن بَعضٍ ، وبَعضُكُم أَكثَرُ صَدَقَةً مِن بَعضٍ ، وبَعضُكُم أَكثَرُ صِياما مِن بَعضٍ ، وأَفضَلُكُم أَفضَلُكُم مَعرِفَةً .۳
وهذا ما أوصَى به الإمامُ الباقر عليه السلام ، الإمامَ الصادق عليه السلام بقوله :
يا بُنَيَّ، اعرِف مَنازِلَ الشّيعَةِ عَلى قَدرِ رِوايَتِهِم ومَعرِفَتِهِم ، فَإِنَّ المَعرِفَةَ هِيَ الدِّرايَةُ۴لِلرِّوايَةِ .

1.راجع: ج ۲ ص ۴۶ ح ۱۴۳۱ .

2.راجع: ج ۲ ص ۴۴ ح ۱۴۲۱ .

3.راجع: ج ۲ ص ۲۵ ح ۱۲۹۴ .

4.دَرَيتُ بالشيء دَريا ودِرايَةً : عَلِمته (المصباح المنير : ص ۱۹۴) .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
52

إنّ ملاحظة هذه المصطلحات في النصوص الإسلامية تبرهن بلا شكّ أنّه ليست هناك مدرسة تقدّر التحقيق في المبادئ العقائدية ومعرفة الحقيقة، كما هو في الإسلام من تقدير لها ، وأنّ أيّ مدرسة لم تُقْدِمْ على إزالة العقبات من طريق التحقيق ومعرفة الحقيقة وتوفير الشروط اللازمة للوصول إلى الحقيقة مثلما أقدم الإسلام على ذلك. ۱
فالإسلام يُلحُّ على دعوة النّاس إلى التحقيق والتفكّر والتفقّه والتعقّل في عقائده ومبادئه إلحاحا مثيراً للعجب جدّاً .
فهو إذ يعتبر العلم رأس الفضائل ، وحجابا من الآفات ، وأنفعَ الكنوز ، وأساس كلّ خير ، وعماد الدِّين ؛ ويَزِنُ الإنسانَ بميزان معلوماته ، ويجعل طلب العلم في كلّ الأحوال فريضة على كلّ مسلم ومسلمة ، ويعتبر طلّابَ العلم أقرب النّاس مرتبةً للنبوَّة ، وأنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم حتّى يطأ عليها رضىً به ، وأنّ طالب العلم يستَغْفِر له كلّ شيء ، وأنّ من كان في طلب العلم كانت الجَنَّةُ في طلبه ، وأنّ العلماء ورثة الأنبياء ، وأنّ مداد العلماء أرجح وزنا من دماء الشهداء ، وأنّ النظر إلى وجه العالم عبادة ، وأخيراً ، إذ يكلّل الإسلام العلم والعالم وطالب العلم بعشرات الفضائل الأُخرى ۲ ، فكلّ ذلك من أجل تشجيع النّاس وترغيبهم في التثبّت وتحريرهم من قيود التقليد وحثّهم على تقدير أعمالهم وفقا للموازين العقلية والعلمية .
فالإسلام يرى أنّه حتّى أبسط حركات الإنسان الإرادية يجب أن تكون مدروسةً ومسموحا بها من جانب العقل ، ففي وصية أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام

1.راجع : ج ۲ ص ۱۰۹ «القسم السادس : مبادئ المعرفة» ، و ۱۶۱ «القسم السابع : موانع المعرفة» .

2.راجع: ج ۲ ص ۲۵ «الفصل الثاني : فضل العلم» و ۷۷ «الفصل الثاني : فضل الحكمة»، و ۳۶۹ «الفصل الأوّل : فضل العالم» .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 195317
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي