بالنسبة للراوي مفيدة لو أنّها اقترنت بالدراية ، ورواية الحديث دون درايته ـ كما جاء في كلام الإمام عليه السلام ـ لا تجدي نفعا للراوي ، بل ربما في بعض الأحيان مضرّةٌ له ولغيره أيضا ، إذ لو لم يكن الراوي على علم بالحديث فقد يتسبّب حتّى في تحريفه ، ولهذا قال أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام :
عَلَيكُم بِالدِّراياتِ لا بِالرِّواياتِ.۱
وجاء في كلام آخر له عليه السلام :
هِمَّةُ السُّفَهاءِ الرِّوايَةُ ، وهِمَّةُ العُلَماء الدِّرايَةُ۲
ونستخلص من هذه الروايات وأمثالها ۳ ملاحظتين مهمّتين :
الأُولى : أنّ الإسلام يقدّر التحقيق ومعرفة الحقيقة وتجنّب التقليد في المسائل النظرية تقديرا بالغا وأنّ المهمّ في نظر هذا الدِّين القويم هو العلم به ، لا روايته المجرّدة عن الفهم والتقدير ، بعبارة اُخرى : إنّ الإيمان يتحتّم عن طريق المعرفة والعلم ، لاعن طريق التعبّد العشوائي .
والثانية : أنّ هداة هذا الدِّين واثقون بقطعية مطابقته للموازين العلمية والعقلية ، على نحو لو أنّ أهل التحقيق كانوا من أهل الإنصاف أيضا لوقفوا على حقّانية الإسلام ، وإلا فما معنى كلّ هذا التأكيد والحثّ على التحقيق؟!
علاقة العلم بالإيمان
تثير مسألة الترابط بين العلم والإيمان ـ من وجهة النظر الإسلامية ـ لدى المحقّقين