55
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

بالنسبة للراوي مفيدة لو أنّها اقترنت بالدراية ، ورواية الحديث دون درايته ـ كما جاء في كلام الإمام عليه السلام ـ لا تجدي نفعا للراوي ، بل ربما في بعض الأحيان مضرّةٌ له ولغيره أيضا ، إذ لو لم يكن الراوي على علم بالحديث فقد يتسبّب حتّى في تحريفه ، ولهذا قال أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام :
عَلَيكُم بِالدِّراياتِ لا بِالرِّواياتِ.۱
وجاء في كلام آخر له عليه السلام :
هِمَّةُ السُّفَهاءِ الرِّوايَةُ ، وهِمَّةُ العُلَماء الدِّرايَةُ۲
ونستخلص من هذه الروايات وأمثالها ۳ ملاحظتين مهمّتين :
الأُولى : أنّ الإسلام يقدّر التحقيق ومعرفة الحقيقة وتجنّب التقليد في المسائل النظرية تقديرا بالغا وأنّ المهمّ في نظر هذا الدِّين القويم هو العلم به ، لا روايته المجرّدة عن الفهم والتقدير ، بعبارة اُخرى : إنّ الإيمان يتحتّم عن طريق المعرفة والعلم ، لاعن طريق التعبّد العشوائي .
والثانية : أنّ هداة هذا الدِّين واثقون بقطعية مطابقته للموازين العلمية والعقلية ، على نحو لو أنّ أهل التحقيق كانوا من أهل الإنصاف أيضا لوقفوا على حقّانية الإسلام ، وإلا فما معنى كلّ هذا التأكيد والحثّ على التحقيق؟!

علاقة العلم بالإيمان

تثير مسألة الترابط بين العلم والإيمان ـ من وجهة النظر الإسلامية ـ لدى المحقّقين

1.راجع : ج ۲ ص ۲۵۲ ح ۲۲۴۶ .

2.كنز الفوائد : ج ۲ ص ۳۱ .

3.راجع : ج ۲ ص ۲۵۲ «الدراية» .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
54

و «الرواية» عبارة عن كلام منقول عن النَّبي صلى الله عليه و آله أو الإمام عليه السلام . أمّا «الدراية» فهي عبارة عن التحقيق والدراسة والاجتهاد للمعرفة وإدراك المفهوم الحقيقي للرواية وعين ما يقصده النَّبي صلى الله عليه و آله أو الإمام عليه السلام .
بعبارة اُخرى : الرواية هي حفظ الحديث ونقله ، والدراية هي تفقّه الحديث وفهمه ، والراوي هو ناقل الحديث ، والفقيه هو المحقّق وعالِم الحديث .
فالإمام الباقر عليه السلام يوصي ابنه الصادق عليه السلام أولاً بمعرفة منازل الشيعة على قدر رواياتهم ومعرفتهم ، ثمّ يوضّح بعد ذلك أنّ ما يعنيه بالمعرفة هو دراية الروايات ، ويقول :
وبِالدِّراياتِ لِلرِّواياتِ يَعلُو المُؤمِنُ إِلى أَقصى دَرَجاتِ الإِيمانِ۱
أي : أنَّ ما يهمّ هو التحقيق والمعرفة وفهم الحديث ؛ لأنّ الرواية إذا لم تصحبها الدراية لا تجدي فتيلاً .
ثمّ يواصل الإمام نقل رواية عن أميرالمؤمنين عليه السلام ، فيقول :
إنّي نظرتُ في كتابٍ لعليّ عليه السلام فوجدت في الكتاب : أَنّ قيمَةَ كُلِّ امرِئٍ وقَدرَهُ مَعرِفَتُهُ۲
وقال الإمام الصادق عليه السلام في كلام آخر له بشأن قيمة دراية الرواية ومعرفة الحديث :
حَديثٌ تَدريهِ خَيرٌ مِن أَلفِ حَديثٍ تَرويهِ۳
فرواية الحديث ونقله يمكن أن ينفع الآخرين أكثر من الراوي نفسه ۴ و تكون

1.راجع : ج ۲ ص ۲۵۲ ح ۲۲۴۷ .

2.راجع: ج ۲ ص ۲۷ ح ۱۳۰۵ .

3.راجع : ج ۲ ص ۲۵۲ ح ۲۲۴۸ .

4.«ورُبَّ حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه» .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 195286
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي