57
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

يجمع بين تخيّل العلم وعدم الإيمان .
أمّا العلم في حدّ ذاته فيصطحبه الإيمان ، إذ إنّ العلم والإيمان، كما جاء في الآيات السابقة لا ينفكّ أحدهما عن الآخر . ففي نظر الإسلام : أنّ العلم والإيمان توأمان يولدان معا ويموتان معا فما أجلّ ما استلهم الإمام عليّ عليه السلام القرآنَ حيث يقول :
الإِيمانُ وَالعِلمُ أَخَوانِ تَوأَمانِ ورَفيقانِ لا يَفتَرِقانِ۱
وهذا يعني : أنّك لو شاهدت أحد توأمين متّصلين أو لقيت رفيقا ملازما لرفيقه فقد رأيت الآخر منهما ولقيته في عين الآن يقينا ، فكذلك الحال بالنسبة للعلم والإيمان ، فلو وصل الإنسان إلى العلم لوصل إلى الإيمان ولو وصل إلى الإيمان فقد وصل إلى العلم ومعرفة الحقيقة ، وقد روي عن النَّبي صلى الله عليه و آله في هذا المعنى حديث يسترعي النظر ، يبيّن علاقة العلم والإيمان بوجه آخر ، قال :
العِلمُ حَياةُ الإِسلامِ وعِمادُ الإِيمانِ۲
فشبِّهت رابطة العلم بالإيمان في هذا الحديث بشيئين :
أحدهما : صلة الجسم بالروح ، والآخر : صلة العمود بسقف البناء ، فلو فَقد الجسم روحه فقد جمد عن الحركة والنموّ ، وسقف البناء لايستقرّ لحظةً بدون دعامة ، وهكذا التلازم والترابط بين العلم والإيمان ، فالإسلام موجود متحقّق حيثما وُجِدَ العلم ، ويزدهر في المجالات العلمية في كلّ زمان ومكان .
وهنا ننتقل إلى الموضوع الثالث من هذا الفصل ، أي : العلاقة بين الجهل والكفر ، وهل هذه العلاقة كالترابط بين العلم والإيمان؟ بمعنى أنّ الصلة بين الكفر والجهل

1.راجع: ج ۲ ص ۵۴ ح ۱۴۸۹ .

2.راجع: ج ۲ ص ۴۴ ح ۱۴۲۰ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
56

اهتماما فائقا للغاية ، وهذا نظرا لما يدّعيه أشباه المثقّفين ـ ممّن لا دين لهم المنكرون للمعتقدات الدِّينية ـ من أنّه ليست هناك أيّ صلةٍ بين العلم والإيمان ، وأنّ المعتقدات المذهبية تتنافى مع العلم أصلاً ، وأنّ العلم ضدّ الإيمان والاعتقادات الدِّينية ، وعليه فأينما وُجِدَ العلم غابت المعتقدات الدِّينية ، وبالعكس أينما وُجِدَ الدِّين ضاق المجال لظهور العلم وازدهاره .
فلننظر ماذا يقول الإسلام في ذلك الصدد :
إنّ الصلة بين العلم والإيمان ـ في نظر الإسلام ـ صلة لا تنفكّ مطلقا؛ فالإيمان أصلاً ثمرة العلم ، والعالِمُ مؤمن؛ وعدم الإيمان نتيجة الجهل ، والقرآن الكريم يبيّن هذه الحقيقة في غاية البلاغة والدقّة في قوله تعالى :
«وَ يَرَى الَّذِينَ اُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى اُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ ... »۱
وقوله :
«وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ اُوتُواْ الْعِلْمَ أنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُواْ بِهِ»۲
فنلاحظ أن هذه الآيات تفيد بصراحة ووضوح أنّ الترابط بين العلم والإيمان ترابط لا يقبل الانفصال والعلماء يدركون ضرورة حقّانية الإسلام ، بمعنى أنّه إن اقتلعت جذور الجهل من المجتمع البشري ساد الإسلام العالم قاطبة؛ فإنّ الإسلام دينٌ علميّ منطقيّ يقوم على ضوابط عقلية .
بعبارة اُخرى : ـ بناءً على الآيات ـ لا يتسنَّى لأحدٍ أن يصبح عالما بالمعنى الحقيقي للكلمة ويظفر بالعلم والمعرفة مادام لايعتقد ويؤمن بالإسلام ، أجل ، إنّ هذا الإمكان يتيسّر لمن يتخيّل أنّه عالم وصل إلى الحقيقة وهو غير مؤمن ، فهو إذ ذاك

1.سبأ : ۶ .

2.الحجّ : ۵۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 199306
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي