59
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

ب ـ مواقف الإنسان في مواجهة الحقائق

يمكن للإنسان أن يتّخذ في مواجهته للحقائق المعلومة أو المجهولة موقفا من أربعة :
1 . أن يعرف حقيقة ويقول : أعرفها .
2 . أن يعرف حقيقة ويقول : لا أعرفها .
3 . ألّا يعرف حقيقة ويقول : أعرفها .
4 . ألّا يعرف حقيقة ويقول : لا أعرفها ، أو يسكت .
فأمّا الذي يعرف شيئا ويقول أعرفه فهو عالِمٌ ومؤمن .
وأمّا الذي يعرف شيئا ويقول : لا أعرفه فهو عالِمٌ وكافر ؛ لأنـّه يكتم علمه .
وأمّا الذي لايعرف شيئا ويقول : أعرفه فهو جاهل وكافر ؛ لأنـّه يخفي جهله .
وأمّا من لايعرف شيئا ولا يتظاهر بالعلم فهو جاهل وليس كافراً .
وعليه فالإنسان في مقابل الحقائق الوجودية عالِمٌ مؤمن ، أو عالِمٌ كافر ، أو جاهلٌ كافر ، أو جاهلٌ غير كافر .
ويتّضح من هذا البيان أنّ الجهل والكفر لايرتبطان ببعضهما ارتباط العلم بالإيمان ، وإنما الصلة بينهما ـ على حدّ تعبير المنطقيّين ـ هي كصِلَةِ «العموم والخصوص من وجه» بمعنى أنّه يمكن أن يكون الإنسان كافراً ولا يكون جاهلاً ، أو يكون جاهلاً ولا يكون كافراً ، أو أن يكون جاهلاً وكافراً في الوقت ذاته .

الكافر الذي ليس جاهلاً

إنّ مَن يُنكر حقيقة مّا وهو يعرف حقّانيتها كافرٌ وليس جاهلاً ؛ لأنـّه يعرف تلك الحقيقة ، ومَثَله كمَثل مَن يَثبت له وجود اللّه تعالى بأدلَّةٍ مؤكّدةٍ واضحةٍ ولكنّه لدوافع خاصّة يتلفّظ بإنكار وجوده تعالى ، فهو على حدّ وصف الإمام عليّ عليه السلام :
تَشهَدُ لَهُ أعلامُ الوُجودِ عَلى إِقرارِ قَلبِ ذِي الجُحودِ .۱

1.راجع : ج ۳ ص ۷۱ ح ۳۴۳۸ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
58

غير قابلة للانفصام هي الأُخرى ، وهل كلّ جاهلٍ كافرٌ، وكلّ كافرٍ جاهلٌ؟ أو هناك صلة اُخرى تربط بينهما؟

العلاقة بين الجهل والكفر

الحقّ أنّ صلة الجهل بالكفر ليست كصلة العلم بالإيمان ، فالجهل والكفر ليسا توأمين لا ينفصلان أو يفترقان ؛ ذلك لأنـّه من الممكن أن يكون الإنسان جاهلاً ولا يكون كافراً ، كما يمكن أن يكون كافراً ولا يكون جاهلاً .
ولتوضيح هذا الإجمال تستدعي الضرورة الانتباه إلى مقدّمتين :
إحداهما : حول معنى الكفر والكافر .
والثانية : حول صوَر الإنسان في مواقفه التي يتّخذها لمواجهة الحقائق المعلومة والمجهولة .

أ ـ معنى الكفر والكافر

الكفر في اللغة : الإخفاء والستر ، لذا يقال لكلّ من ، ولكلّ ما أخفى شيئا ، أنّه كفره ، ويطلق عليه أنّه كافر .
والإخفاء نوعان : عينيٌّ واعتباريٌّ ، فالإخفاء العيني كإخفاء بذرة تحت التراب ، والاعتباري كإخفاء الحقّ بالباطل ، والعكس صحيح .
وعليه ، لو أظهر الإنسان شيئا على خلاف علمه واطّلاعه واعتقاده فعمله يُحتسب كفراً ويطلق عليه أنّه كافر ، ومن يعرف حقيقةً ويقول لا أعرفها ، وكذلك من لايعرف حقيقة ويقول أعرفها ، فكلاهما كافر ؛ لأنّ الأول قد أخفى علمه ، والثاني قد أخفى جهله ، أمّا من لايعرف حقيقة ويصرّح بقوله لا أعرفها فهذا ليس بكافر ، وإنما هو جاهل .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 199115
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي